مجموع بلدان اليمن وقبائلها،

محمد بن أحمد الحجري (المتوفى: 1380 هـ)

الجزء الثالث

صفحة 486 - الجزء 3

  ولم يزل بها عالم وفقيه، وحكيم وزاهد، ومن يحب اللّه ø المحبة المفرطة، ويخشاه الخشية النبظى على نحو ما ذكر بطليموس في طباع أهل هذا الصقع، وهم مع ذلك أهل تمييز لعارض الأمور وخدمة للسلطان ناهية، وتملك وتنعم في المنازل، ولهم صنائع في الأطعمة التي لا تلحق بها أطعمة بلد، ولهم خط المصاحف الصنعاني (المكسر والتحسين الذي لا يلحق به)⁣(⁣١)، ولهم حقائق الشكل، ذكرهم بذلك الخليل، ولهم الشروط دون غيرهم ولا يكون لفقيه من أهل الأمصار شرط إلا ولهم أبلغ منه وأعذب لفظا وأوقع معنى وأقرب اختصارا، ومنهم الخطباء كمطرف بن مازن وهو المخترع لمفارع الغيول، وإبراهيم بن محمد يعفر (بضم الياء وكسر الفاء)⁣(⁣١)، وفيها العلماء كوهب بن منبه وأخويه همام ومعقل، وعبد الرزاق وعبد الرحمن بن داود، وهشام بن يوسف.

  ومن أصحاب النجوم دردان وأبو عصمة وابن حنذة وابن عاصم وابن المنيذر وابن عبيد اللّه وغيرهم.

  ومن الشعراء مثل علقمة ذي جدن ووضاح اليمن وفد بشعره على الوليد واغتيل بسبب أم البنين بنت بشر بن مروان، وبكر بن مرداس وكان ظريفا أدم حسن الهيئة والنضارة وكان له ثياب بعدد أيام مخرجه من منزله في السنة وكان من تمام مروءته ألا يخرج من منزله حتى يتفقد شسعي نعله فلم يره أحد منقطع الشسع في طريق، وكان شعره سائرا فخبرني ابن مرزا الأبناوي عن بعض من حدّثه من أهل صنعاء عن أبيه قال: وافيت الحج فرأيت في الطواف فتى ظريفا خفيف الروح يعصب به جماعة حتى قضى طوافه وصلاته فقلت: من هذا؟ فقيل: أبو نواس الحسن بن هانئ فسلمت عليه وفاوضته وخبرته بنفاق أشعاره وأخباره بصنعاء وسألته شيئا منه قال فقال تطلبني مثل هذا وعندكم بكر بن مرداس؟ قال فقلت: وإنه عندك بهذه المنزلة؟ قال: أما هو القائل:

  يا إخوتي إن الطبيب الذي ... ترجون أن يبرئني مسقمي


(١) زيادة من صفة جزيرة العرب بتحقيق القاضي محمد الأكوع.