الجزء الثالث
  بنفسه وقال لمن حضره من بني عمه أن العرب المستأجرة لا تصبر على حر الطعان فالقوا بني عمكم بأنفسكم وإلا فهي الهزيمة والعار، ثم التقى القوم فحمل منا فارس على منيع بن مسعود فطعنه طعنة شرم شفته العليا وأرنبة أنفه وأقبل وادي لحج دافعا بالسيل فوقفوا جميعا على عدوتي الوادي يتحادثون فقال الداعي سبأ بن أبي السعود لمنيع بن مسعود: كيف رأيت تقبيل الجشميات يا أبا المدافع؟ قال: وجدته كما قال المتنبي:
  (والطعن عند محبيهن كالقبل)
  فاستحسن منه هذا الجواب لموافقته شاهد الحال. انتهى ما ذكره ابن مخرمة في تاريخ عدن.
  وممن ترجمه الشرجي في طبقات الخواص أبو إسحاق إبراهيم بن بشار بن يعقوب العدني قال: وهو تلميذ الشيخ أحمد بن صياد توفي سنة ٥٧٩ وأبو الضياء جوهر بن عبد اللّه الصوفي العدني، وأبو المسك ريحان بن عبد اللّه العدني وأبو الخطاب عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد بن عنبسة العدني المتوفى سنة ٤٢٠.
  قلت: ولم يزل في عدن علماء وفضلاء وأدباء إلى يومنا هذا، وبها طائفة من الكتاب والشعراء النبهاء.
  ومن نواحي عدن بلاد الصبيحة وهم الأصابح وقد تقدم ذكرهم في حرف الهمزة وأشهر قراهم مدينة لحج(١) بلد السلاطين العبادلة من أمجد رؤساء اليمن وأكرمهم وأحسنهم أخلاقا وأعلاهم شهامة يكرمون كل من نزل عليهم ويتلقون كل قادم عليهم بوجوه ضاحكة مستبشرة، وقد صنّف أحد(٢) آبائهم تاريخا لمدينة لحج في العصر الحاضر.
(١) لحج هو اسم للمخلاف واما مدينته فهي الحوطة.
(٢) هو أحمد بن فضل العبدلي واسم كتابه (هدية الزمن في تاريخ لحج وعدن).