الفن الأول: علم المعاني
  . ... ... ... ... .....
  (تنبيه): مما يكثر حشو الكلام به لفظ أصبح وأمسى، وعدا وأخواتها، ولفظ إلا، وقد، واليوم. قال حازم: الواجب اعتبار حالها، فإن كان الأمر الذي ذكر أنه أصبح فيه لم يكن أمسى فيه فليست حشوا، وإلا فهو حشو، كقولك: أصبح العسل حلوا. والرماني أجاب عن قوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ}(١) بأن العادة أن من به علة تزاد عليه بالليل، فيرجو الفرج عند الصباح، فاستعمل: أصبح لأن الخسران حصل لهم في الوقت الذي يرجون فيه الفرج، فليست حشوا. وقد أشار لما قلناه الخفاجي وحازم وغيرهما.
  (تنبيه): قال الخفاجي في سر الفصاحة: أصل الحشو ما يقصد به في الشعر إصلاح الوزن، أو تناسب القوافي وحرف الروى. وفى النثر: قصد السجع، وتأليف الفصول من غير معنى يفيده. ثم نقل عن أبي هاشم أنه زل فألحق الحشو الجيد بالردئ فقال في البغداديات في مسألة ذكرها في إيجاز القرآن: إن الشاعر إذا احتاج إلى الوزن، ذكر ما لا يحتاج إليه في النثر. ألا ترى إلى قول امرئ القيس:
  ورضت فذلت صعبة أي إذلال
  فلو كان في النثر لأسقط صعبة، أو أسقط أي إذلال. ثم أفسد الخفاجي كلام أبى هاشم وأبان فائدة ذكرهما، وأنهما من الحشو المحمود، ثم قال: وأبو هاشم وإن كان العالم المقدم في صناعة الكلام، فليس معرفته بالجواهر والأعراض، وكلامه في القدر والألطاف، مما يفيده العلم بصناعة نقد الكلام المؤلف، وفهم النظم والنثر كما أن في أهل هذا العلم من يجهل أول ما يجب على العاقل، فضلا عما يجاوزه، ونعوذ بالله من تعاطى ما لا نحسنه. قال: ومن العجب أن الرماني نقض على أبى هاشم مسائله هذه بكتاب معروف، قصره على بعضها، واعتمد فيه المناقشة لأبى هاشم في لفظة لفظة فلما وصل هذا الموضع، لم يتعرض له بنفي ولا إثبات، بل ظهر منه أنه موافق مسلم قال:
  وما يعلم السبب في خفاء مثله على الرماني مع مكانه المشهور من الأدب، ثم جعل الحشو أقساما:
- هذا عجز بيت من الطويل وصدره: وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا.
وهو لامرئ القيس في ديوانه (١٢٥ / دار الكتب العلمية)، وخزانة الأدب ٩/ ١٨٧، وشرح شواهد المغنى ١/ ٣٤١، واللسان (روض)، والمقتضب ١/ ١٧٤، وبلا نسبة في المحتسب ٢/ ٢٦٠.
(١) سورة المائدة: ٥٣.