عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

وهي ضربان: معنوى، ولفظي:

صفحة 264 - الجزء 2

المذهب الكلامي

  ومنه: المذهب الكلامي؛ وهو إيراد حجة للمطلوب على طريق أهل الكلام؛ نحو: {لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا}⁣(⁣١)،


  فيها؛ لأن المبالغة أن يثبت للشئ أكثر مما له، وصفات اللّه - تعالى - متناهية في الكمال لا تمكن المبالغة فيها، والمبالغة - أيضا - تكون في صفات تقبل الزيادة والنقص، وصفات اللّه - تعالى - منزهة عن ذلك، وعرضب⁣(⁣٢) هذا الكلام على الوالد فاستحسنه، ولا شك أن هذا إنما يأتي تفريعا على أن هذه الأسماء صفات، فإن قلنا: علام؟ فلا يراد السؤال لأن العلم لا يقصد مدلوله الأصلي من مبالغة ولا غيرها، وسمعت بعض أهل العلم يقول: إنما لم يوجد لكثير من الشعراء المسلمين كثير من الشعر يمدحون به رسول اللّه لأن الشعر إنما يحسن بالمبالغة، وهي متعذرة في حقه لأن المادحين - وإن بذلوا جهدهم - لا يصلون إلى قطرة من بحره، عليه أفضل الصلاة والسّلام.

  المذهب الكلامي: ص: (ومنه المذهب الكلامي إلخ).

  (ش): من البديع ما يسمى المذهب الكلامي، والجاحظ أول من ذكره، وأنكر وجوده في القرآن (وهو أن يورد المتكلم حجة للمطلوب لما يدعيه على طريقة أهل الكلام) وينقسم إلى: قياس اقتراني، واستثنائي، واستقراء، وتمثيل وهو القياس المذكور في الأصول وإنما لم يسموه المنطقي؛ لأن هذا المذهب أصله، كما ذكره ابن مالك عبارة عن نصب حجة صحيحة ما قطعية الاستلزام، فهو منطقي. أو ظنية فهي جدلية، غير أنه قد يقال - أيضا - أهل الكلام مطالبهم قطعية فكيف تسمى الحجة الظنية كلامية؟

  وجوابه أنهم ربما يذكرون الحجة الظنية ليحصل من مجموعها القطع كقوله تعالى: {لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا} فإن هذه مقدمة استثنائية ذكر فيها المقدمة الشرطية، وتقديره: لكنهما لم يفسدا، فلم يكن فيهما آلهة فالمقدمة الثانية استثناء نقيض التالي، فلازمه نقيض المقدم، (ومنه قوله) أي قول النابغة يعتذر إلى النعمان:


(١) سورة الأنبياء: ٢٢.

(٢) هكذا في الأصل. ولعلها وعرّض بهذا.