عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

وهي ضربان: معنوى، ولفظي:

صفحة 265 - الجزء 2

  وقوله [من الطويل]:

  حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء اللّه للمرء مطلب

  لئن كنت قد بلّغت عنّى جناية ... لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب

  ولكنّنى كنت امرأ لي جانب ... من الأرض فيه مستراد ومذهب

  ملوك وإخوان إذا ما مدحتهم ... أحكّم في أموالهم وأقرّب

  كفعلك في قوم أراك اصطفيتهم ... فلم ترهم في مدحهم لك أذنبوا


  حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء اللّه للمرء مطلب

  لئن كنت قد بلّغت عنّى خيانة ... لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب

  ولكنني كنت امرأ لي جانب ... من الأرض فيه مستراد ومذهب

  ملوك وإخوان إذا ما مدحتهم ... أحكّم في أموالهم وأقرّب

  كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم ... فلم ترهم في مدحهم لك أذنبوا⁣(⁣١)

  يقول: أنت أحسنت لقوم فمدحوك، وأنا أحسن إلى قوم فمدحتهم، فقوله: كفعلك، هو الإلزام وهذه الحجة تسمى تمثيلا، وهو القياس المذكور في الأصول، وهو غاية إلزام في القياس بوصف جامع وهو ظني، وهو يرجع إلى الاقترانى، أو الاستثنائي إلا أن بعض مقدماته ظنية، وإن كان الاستلزام قطعيا، وفي هذه الأبيات إشكال على النابغة الناظم من وجهين: الأول، أنه ادعى أنه مدح أقواما فأحسنوا إليه، كما أن أقواما أحسن إليهم فمدحوه، وهذا عكس ما فعله هو وإنما يحصل الإلزام أن لو قال: ملوك حكمونى في أموالهم فمدحتهم، وإلا فهو قد جعل مدحه لهؤلاء الملوك سابقا على إحسانهم، فلا يحصل الإلزام إذ لم يكن له داع إلى الابتداء بمدحهم. الثاني، في قوله:


(١) الأبيات من الطويل، وهي للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٧٢ - ٧٣، والمصباح ص ٢٠٧، والبيت الأول في تهذيب اللغة ١٥/ ٣٠٤، ورواية عجزه: «للمرء مذهب»، والبيت الثالث في أساس البلاغة ص ١٨٤ (رويد).

ملوك: يقصد بهم غساسنة الشام. يشير به إلى حسن معاملتهم له، وعدم ترفعهم عليه، ويرد شطر البيت الأخير: «... أراك اصطفيتهم.».