عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الثالث: علم البديع

صفحة 317 - الجزء 2

  


  التهكم: الثامن والسبعون «التهكم» وقد سبق في الاستعارة التهكمية.

  الائتلاف: التاسع والسبعون «الائتلاف» وهو أنواع منها ائتلاف اللفظ والمعنى، وهو أن تكون الألفاظ تليق بمقصود الكلام، فللمعنى الرشيق اللفظ الرقيق، وللمعنى المفخم اللفظ الجزل، ومنها «ائتلاف اللفظ مع اللفظ»، وهو أن يختار من الألفاظ التي يعبر بها عن معنى ما بينه وبين بعض الألفاظ المذكورة ائتلاف، كقول البحتري:

  كالقسىّ المعطفات⁣(⁣١)

  البيت السابق في مراعاة النظير، ومنها «ائتلاف المعنى» بالمعنى وهو اشتمال الكلام على معنى معه أمر ملائم له وأمر مخالف، فتقربه بالملائم، أو يكون الأمران ملائمين، فيقرب به منهما ما هو أكثر ملاءمة له، كما في تشابه الأطراف، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى}⁣(⁣٢) فإنه لم يراع مناسبة الري للشبع، والاستظلال للبس في نوع المنفعة، بل روعى مناسبة اللبس للشبع، والاستظلال للرى في كونهما تابعين للبس والشبع ومكملين لمنافعهما، إذ رعاية ذلك أدخل في حسن الوعد، والامتنان بذكر أصول النعم، ثم توابعها، ومنها «ائتلاف اللفظ والمعنى مع الوزن» وهو نوعان: الأول: أن يأتي باللفظ من غير حاجة إلى تقديم وتأخير يمتنع مثله في الشعر، ولا إلى زيادة ونقصان والثاني: أن يؤتى به مع الوزن من غير حاجة إلى إخراج المعنى عن وجه الصحة، ومنها «ائتلاف القافية أو الفاصلة بسائر الآية أو البيت»، كما في تشابه الإرصاد، وقد يقال: إن هذا من الإرصاد. ومنها «الائتلاف مع الاختلاف» وهو ضربان: الأول أن تكون المؤتلفة بمعزل عن المختلفة، كما في قول الشاعر:

  أبى القلب أن يأتي السدير وأهله ... وإن قيل عيش بالسدير غزير

  به البق والحمى وأسد تحفه ... وعمرو بن هند يعتدى ويجور⁣(⁣٣)


(١) سبق كما أشار المصنف في مراعاة النظير.

(٢) سورة طه: ١١٨، ١١٩.

(٣) البيتان من الطويل، وهما لسويد بن حذاق في شرح عقود الجمان (٢/ ١٧٠)، والمصباح (ص ٢٥٩)، وبلا نسبة في الطراز (٣/ ١٥١).