الفن الثالث: علم البديع
  ومنه: أن يكون الثاني أشمل؛ كقول جرير [من الوافر]:
  إذا غضبت عليك بنو تميم ... وجدت النّاس كلّهم غضابا
  وقول أبى نواس [من السريع]:
  وليس على اللّه بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
  ومنه: القلب؛ وهو أن يكون معنى الثاني نقيض معنى الأوّل؛ كقول أبى الشّيص [من الكامل]:
  أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبّا لذكرك فليلمنى اللّوّم
  فإنه أخذ معنى بيت البحتري ونقله إلى السيف (ومنه) أي من غير الظاهر (أن يكون معنى الثاني أشمل) من الأول (كقول جرير:
  إذا غضبت عليك بنو تميم ... وجدت النّاس كلّهم غضابا(١)
  وقول أبى نواس:
  وليس على اللّه بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد)(٢)
  فالثاني أشمل، لأن الأول دل على الاختصاص بحالة الغضب كذا قيل، وفيه نظر لأنهم إذا كانوا هم جميع الناس في حال الغضب، كانوا جميع الناس في كل حال.
  وقيل: لأن الأول خاص ببنى تميم، والثاني شامل لهم ولغيرهم، وهو فاسد، لأن المراد بالواحد في الثاني واحد معين خاص، والأحسن أن يقال: الثاني شامل، لأن العالم أشمل من الناس، لأنه كل موجود حادث، والذي يظهر أن يقال: الثاني أبلغ، باعتبار أنه صريح في أن الناس كلهم ذلك الواحد، بخلاف الأول، فإنه لا يلزم من غضب الناس كلهم لغضب بنى تميم، أن يكونوا هم جميع الناس؛ لجواز أن يريد أن الناس تبع لهم، يغضبون لغضبهم، لكن التعبير عن هذا بأنه أشمل فيه تعسف.
  ومنه - أيضا - القلب، هو أن يكون المعنى الثاني نقيض المعنى الأول، لقلب المعنى إلى نقيضه، فهو مأخوذ من نقيضه، كقول أبى الشيص:
  أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمنى اللّوّم(٣)
(١) البيت من الوافر انظر ديوانه ص ٦٢، والإشارات والتنبيهات ص ٣١٣، وشرح عقود الجمان (ص ٢/ ١٨٠).
(٢) البيت من المديد لأبى الشيص، انظر الإشارات والتنبيهات / ٣١٤، وشرح عقود الجمان (٢/ ١٨٠).
(٣) البيت من الكامل لأبى الشيص انظر شرح عقود الجمان (ص ٢/ ١٨٠)، والإشارات والتنبيهات / ٣١٤.