إعلام ذي الكياسة ببعض أنباء صاحب الكناسة،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

مولده ونشأته

صفحة 12 - الجزء 1

  وقد نخر الحزن قلبه، وهو يواصل أوقاته بالبكاء والحزن على أبيه، وقد أنهكت العبادة جسمه، وأنحلت بدنه.

  فأما صفته الخَلْقية: فكان أبيض اللون، أعين، مقرون الحاجبين، تام الخلق، طويل القامة، كث اللحية، عريض الصدر، أقنى الأنف، أسود الرأس واللحية، إلا أنه خالطه الشيب في عارضيه، جميلاً وسيماً أديباً، يشبه بأمير المؤمنين علي في الفصاحة والبلاغة والبراعة والشجاعة.

  وأما صفاته الخُلُقية: فكان صاحب العلم الغزير، والفضل الشهير، والعبادة الكثيرة صلاة وصوماً وذكراً، وكان كثير الخوف والخشية من الله حتى كان يغمى عليه، كثير البكاء حتى تختلط دموعه بدمه، والكرم الواسع، وغيرها من المحاسن والشمائل.

  وكان يعرف في المدينة بـ (حليف القرآن)، كما روي عن أبي الجارود، قال: (قدمت المدينة فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي: ذاك حليف القرآن).

  وقال الإمام زيد #: (خلوت بالقرآن ثلاث عشر سنة أقرؤه وأتدبره، فما وجدت في طلب الرزق رخصة، وما وجدت ابتغوا من فضل الله إلا العبادة والفقه).

  وكان نور التقوى يبدو في وجهه وعلى لسانه وفي أفعاله.

  قال حصيب الوابشي: كنت إذا رأيت زيدا، رأيت أسارير النور في وجهه.