[تقديم]
  وكان من أبرز تلك الأحداث قيام الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني # بالإمامة وبيعة الناس له سنة (١٢٩٨ هـ)، وكان مركز دعوته جبل برط، حينها ارتحل العلماء الأعلام من مختلف المناطق إلى مقام الإمام المهدي ببرط، وكان ممن ارتحل إليه السيد العلامة الزكي محمد بن منصور بن أحمد المؤيدي ¥ قادماً من بلده ضحيان صعدة، فلازم الإمام المهدي مدّة وتزوّج ابنته الشريفة الطاهرة أمة الله بنت الإمام المهدي.
  وشاء الله أن يرزقهما الولد الصالح، ففي قرية (الرضمة) من جبل برط، وفي شهر شعبان سنة (١٣٣٢ هـ) أشرق صُبْحٌ جديد بمولد مولانا الإمام الحجة المجتهد النَّظَّار/ مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي # في أسرة زكيّة طاهرة، وبيت علوي عريق يشعّ بنور العلم والإيمان.
  وقضى أيام طفولته وصِبَاه في حِجْرِ الأبوين الطاهرين، يتغذّى بالعلم والحكمة، ويتنقّل في حلقات الدرس ومجالس العلماء، يطلب المعارف، وما أن بلغ سنّ المراهقة حتى صار العلماء يتوسّمون فيه خصال الفضل والنُّبل، فحصل بذلك على الاهتمام البالغ والرعاية المميزة، وحين بلغ الثامنة والعشرين من عمره توفي والده وذلك سنة (١٣٦٠ هـ)، فلم يكن ذلك المصاب ليوهن من عزمه أوينْخَر في صلابة إرادته، فاستمرّ في بناء شخصيته ولازم مجالس العلم وخالط الفضلاء، ومازال يكترع من علوم الأكابر ويأنس كل الأنس بتصفّح أوراق الدفاتر، حتى حَصَّل أنواع العلوم، وخاض في منطوقها والمفهوم.