من أحسن ما قيل في الوداع
  والأوس والخزرج القوم الذين بهم ... آووا فأعطوا عطاءً فوق ما وُهِبوا(١)
  يا معشر الأزد أنتم مَعْشَرٌ أنف ... لا يضعفون إذا ما اشتدت الحِقب(٢)
  وفيتم ووفاء العهد شيمتكم ... ولم يخالط قديماً صدقَكم كذبُ
  إذا غضبتم يهاب الخلق سطوتكم ... وقد يهون عليكم منهم الغضبُ
  يا معشر الأزد إني من جميعكم ... راضٍ وأنتم رؤوس الأمر لا الذنبُ
  لن ييأس الأزد من روح ومغفرة ... والله يكلأهم من حيث ما ذهبوا
  طبتم حديثاً كما قد طاب أوّلكم ... والشوك لا يجتنى من فرعه العنبُ
  والأزد جرثومة إن سوبقوا سبَقُوا ... أو فوخروا فخَرُوا أو غولبوا غَلَبُوا(٣)
  أو كوثروا كثروا أو صوبروا صبروا ... أو سوهموا سهموا أو سولبوا سلبوا(٤)
  صفوا فأصفاهم الباري ولايته ... فلم يشب صفوهم لهوٌ ولا لعبُ
  من حسن أخلاقهم طابت مجالسهم ... لا الجهل يعروهمُ(٥) فيها ولا الصخبُ
  الغيث ما رُوِّضوا من دون نائلهم ... والأسد ترهبهم يوماً إذا غضبوا
  أندى الأنام أكفاً حين تسألهم ... وأربط الناس جأشاً إن هم نُدِبوا
  فالله يجزيهم عما أتوا وحبوا ... به الرسول وما من صالح كسبوا
  من أحسن ما قيل في الوداع لأبي الحسن علي بن عبدالله الحلا:
  أودع لا إني أودع طايعاً ... وأعطي بكرهي الدهر ما كنت مانعا
(١) كذا في الديوان، ويظهر أن ثَمَّةَ نَقْصُ كلمةٍ؛ نحو: عطاء، التي ظننتُ بها. تمت من المؤلف #.
(٢) أنف: أصحاب أنفة وإباء. والحقب: السنون.
(٣) الجرثومة: الأصل.
(٤) كُوْثِرُوا: فاخروهم بالكثرة التي كانت مَدْعاةً للتباهي عند العرب.
(٥) يصيبهم.