ترجمة المؤلف #
  للعلاج لم يُنْسِهِ مَرَضُه الهدفَ الذي يعيشُ من أجله، ولا منعته عِلَّته عن تصفّح أسفار العلوم، لأنه - وكما هو معروف عنه - شفاء علّته النظر في الكتب، ومُتْعَةُ حياته مداعبة أبكار المسائل، فقضى وقته بين رفوف المكتبة العملاقة في المتحف البريطاني يتنَقَّلُ بين أقسامها كالنحلة ليمْتَصَّ رحيق أزهارها. ولعلوّ همته وشدّة تثبته لم يكتفِ بالنظر أو يعتمد على الحافظة بل استنسخ ما قدر عليه، وكان مما دون جملة من لطائف القصائد ودرر الأخبار والأشعار.
  وبعد رجوعه بالسلامة إلى اليمن رأى أن يُفْرِدَ كتاباً يجمع فيه نبذة من تلك القصائد والأخبار، ويضيف إليها من مخزون علمه الجمّ ما يزيدها نضارة وفائدة، ثم ضَمَّنها هذا المجموع الذي سمَّاه (عيون المختار من فنون الأشعار والآثار) فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء، وأمدّه بالعافية وطول البقاء، إن ربي على ما يشاء قدير.
  وهذه نبذة من ترجمته وإشارة إلى بعض أحواله نرجوا أن تُعَرِّفَ به مَنْ بَعُدَ، ونأمل أن يَعْذُرَنا في الاختصار مَنْ قَرُبَ، فهو عَلَمُ الأَعْلامِ، وعَالِمُ العلماءِ.
  وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً
ترجمة المؤلف #
  كانت اليمن في أواخر القرن الثالث عشر الهجري تمرّ بحالة عصيبة من الاضطرابات والفتن، فالأتراك قد بسطوا نفوذهم على مساحة شاسعة من البلاد، والمقاومة الشعبية لاتزال تَسْتَعِرُ وتتلظّى في كل مكان، والانتفاضات والثورات تتفجّر في مختلف الجهات.