درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

دائرة عامة

صفحة 247 - الجزء 1

دائرة عامة

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق العباد لغير خوف من نازلة ولا لحاجة إلى فائدة، وإنما خلق العالم بما فيه إظهاراً لقدرته، ودلالة على وحدانيته وإبانة لقوته وعزته ومجده وربوبيته، خلق ما خلق وجعل ما جعل، دلائل تدل عليه وتهدي من أناب من عبيده إليه؛ إذ لا تراه عيون الناظرين ولا تبلغه أوهام المتوهمين، ولا سبيل إلى ما يستدل به عليه - جل ثناؤه وتقدست أسماؤه - إلا بالنظر إلى آثار صنعه ومصابيح دلائله، فسبحانه من إله حكيم لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.

  وأشهد أنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد.

  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده الذي اصطفاه، ورسوله الذي ارتضاه وائتمنه على وحيه صلى الله وسلم عليه وعلى آله الصادقين الأبرار الطيبين الأخيار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

  عباد الله، نتواصى بتقوى الله وإيثار طاعته، نتواصى بالحق وإيثاره على الباطل، فالحق طريق الجنة والباطل طريق النار.

  ألا وإن على كل طريق داعياً يدعو إليه، فمن أجاب داعي الحق قاده إلى الجنة، ومن أجاب داعي الباطل ساقه إلى النار.

  واعلموا أن الداعي إلى الحق كتابُ الله المبين وعترةُ خاتم المرسلين، وقد أرشدنا الله تعالى إلى ذلك حيث يقول: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى}⁣[يونس: ٣٥]، جاء في التفسير أنها نزلت في علي #.

  ثم كذلك قد ارشدنا رسول الله ÷ إذ يقول: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»⁣(⁣١)


(١) رواه الإمام الهادي # في كتاب الأحكام.