درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[في صفات المتقين]

صفحة 83 - الجزء 1

[في صفات المتقين]

  

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الأول ولم يزل، الحمد لله الباقي بلا أجل، خرّت له الجباه، ووحدته الشفاه، خلق ما خلق فأقام حده، وصور ما صور فأحسن صوره، ليس لشيء منه امتناع، ولا له بطاعة مطيع انتفاع، نحمده على كل حال وفي كل حال.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً أحداً فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.

  واشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، ابتعثه بالنور المضيء والبرهان الجلي، مولده بمكة، وهجرته بطيبة علا بها ذكره وامتد منها صوته، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته، فإنها النجاة غداً والمنجاة أبداً، واحذروا الدنيا حذر الشفيق الناصح، واعتبروا بما قد رأيتم أو سمعتم من مصارع الأمم قبلكم، تزايلت أوصالهم، وزالت أبصارهم وأسماعهم، وانقطع سرورهم ونعيمهم.

  وسابقوا إلى الدار التي دُعِيتُم إليها، واستتموا نعمة الله عليكم بالصبر على طاعته، وبالمحافظة على ما استحفظكم من كتابه، فلا يضركم ما ضاع من دنياكم بعد حفظكم لدينكم، ولا ينفعكم ما حفظتم من دنياكم وقد ضيعتم دينكم.

  فاتقوا الله وأحسنوا فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فالمتقون هم الفائزون، وقد أثنى الله على المتقين ووعدهم بكل خير في الدنيا والآخرة.

  واسمعوا إلى هذا الوصف البليغ الذي وصفهم به أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه لما سئل عن ذلك، فمما قال #: (المتقون هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم).