[الخطبة الثالثة لشهر رمضان فيها ذكر مقتل الإمام علي #]
[الخطبة الثالثة لشهر رمضان فيها ذكر مقتل الإمام علي #]
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﷽
  الحمد لله رب العالمين، نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على آلائه التي أكملها، حمداً يكون إليه واصلاً، وبما وعد عليه كافلاً.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فالزموها يُلْزِمكم وقارها، واسلكوا سبيل الهدى فقد وضَّح لكم منارها، وانظروا بعيون الهمم في مصارع الأمم الذين عرفهم الزمان عاقبة أمره، بعد أن عمروا الدنيا عمارة آمن من غدرها، ونفذت أوامرهم في سهل الأرض ووعرها، ونفذت خططهم في بحرها وبرها.
  فلما اقتعدوا فيها مقاعد الشرف وصدقوا كواذب أمانيها قلبت لهم عين فراتها أجاجاً، وأمرَّتهم على آفاتها أفواجاً، أخرست ألسنتهم بعد إفصاحها، وطمست آثارهم بعد اتضاحها.
  فيا أيها الساكنون في منازل الراحلين، ويا أيها الواردون مناهل الأولين، لقد هتف بكم هادم اللذات فأسمع، ولقد جاءكم عارض الشتات فما أقلع، ولقد سل فيكم سيف الممات فأوجع، ولقد سعى إليكم بقلق الآفات فأسرع، وأنتم متمسكون بحبال الآمال الحائلة بينكم وبين خواتم الآجال، فكأن الموت على غيركم كتب، وكأن الحق على غيركم وجب.
  فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ومراقبته فإن خير الناس من يُرجى خيره ويُؤمن شره، وإن شر الخلق من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، فشمروا على طاعة الله وصبروا أنفسكم عليها فإن الصبر على الطاعة أهون من الصبر على العذاب، وتآمروا بالمعروف الأكبر وتناهوا عن الفحشاء والمنكر.