[في آخر خطبة للنبي ÷ خطبها في المدينة]
[في آخر خطبة للنبي ÷ خطبها في المدينة]
  
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والحمد لله اصطفى محمداً صلى الله عليه وآله برسالته، وارتضاه لنفسه، وائتمنه على وحيه، وابتعثه إلى خلقه رحمة للعالمين، يبشر بالجنة من أطاعه، وينذر بالنار من عصاه، إعذاراً وإنذاراً، وأنزل عليه كتاباً عزيزاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد؛ احتجاجاً على خلقه بتبليغ حجته وأداء رسالته، وإنفاذ حكمه وإقامة شريعته، وتحليل حلاله وتحريم حرامه.
  آمراً بطاعته ناهياً عن معصيته، قد أكمل له دينه، وهداه إلى رشده، وبصَّره من العمى، وعصمه من الضلالة والردى، وأقامه على المحجة البيضاء، {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ١٦٥}[النساء].
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ملاذ اللائذين، ومعاذ العائذين، مجيب المضطرين، وكنز المفتقرين.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأنه بلغ رسالات ربه، وصدع بأمره وصبر على حكمه، وأوذي في جنبه، وجاهد في سبيله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  عباد الله، نتواصى بتقوى الله وطاعته، ثم بطاعة رسوله صلى الله عليه وآله الطاهرين، الذي طاعته طاعة لله، ومعصيته معصية لله، الله جل شأنه يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ٨٠}[النساء].
  أيها المؤمنون، إن الله تعالى لم يخلقنا عبثاً، ولن يتركنا سدىً، فهو تعالى لم يخلقنا إلا لعبادته وطاعته، يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، ولم يكن ذلك لحاجة منه إلى الطاعة منا، وإنما ليختبرنا