درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة في توحيد الله ø

صفحة 16 - الجزء 1

خطبة في توحيد الله ø

  

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون.

  الحمد لله الواحد الأحد الجبار، الفرد الصمد، العزيز القهار، العالم القادر، الحي الحكيم الغفار، أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مبتدع البرايا بلا ظهير ولا معين، وخالق الكائنات سوى أفعال عبيده المؤمنين والكافرين.

  خلق ما خلق لغير حاجة منه إلى ذلك، فتبارك الله رب العالمين، وإنما لإظهار قوته وقدرته وعظمته، وإبانة علمه وحكمته وجبروته وعزته، وليدلنا بذلك على تفرده ووحدانيته، ولنعرفه حق المعرفة فنؤدي له وحده ما افترض علينا من عبادته.

  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه ونجيبه من خلقه وصفيه من عباده صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  عباد الله، نتواصى بتقوى الله وطاعته وعبادته فالله يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات].

  والركن الأساسي للعبادة هو معرفة الله الذي لا يستحق العبادة شيء سواه، فيجب علينا أن نعلم أن الله وحده هو الذي خلق هذا العالم وكلَّ ما هنالك من عوالم لا نعلم عنها شيئاً، وقد دلتنا العقول على هذه الحقيقة فهل رأينا بناء بغير بان، أو مصنوعاً بلا صانع، حتى ما يكون في غاية الصغر، فكيف بهذا العالم الواسع الذي يلف بين جوانحه شمساً مضيئة وقمراً منيراً وماءً وهواء وأرضاً ونباتاً وحيواناً وإنساناً، كلٌّ تحت نظام دقيق ولا يحيد عن القانون العام شيء إلا فسد وأفسد!

  فلا يكون نظام إلا بمنظم ولا حركة إلا بمحرك، فالمنظم هو الله، والصانع هو الله، والمحرك هو الله.