درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة فيها تنزيه الله عن الظلم والجور والحث على الأعمال الصالحة

صفحة 20 - الجزء 1

خطبة فيها تنزيه الله عن الظلم والجور والحث على الأعمال الصالحة

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق الخلائق وأجرى فيها سنناً رشيدة، وأركز فيها أنظمة حكيمة، فهدى الإنسان بالعقل والوحي إلى تلك السنن والأنظمة، بعد أن منحه المشيئة وأعطاه الحرية وألهمه الفجور والتقوى، ومكنه من الاستقامة التي ستُمْطِر بركاتِ السماء وتفجر خيرات الأرض، وتقود حياته إلى جنة ورضوان، خيَّره ومكنه من هذه الاستقامة كما مكنه من الانحراف عن الصراط، والانجراف مع الشهوات التي تحرق الزرع والضرع وتفسد على البشر حياته ومستقبله، وتهديه إلى النار وبئس المصير.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين.

  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله فإن التقوى حق الله عليكم، فاتقوا الله واستعينوا عليها بالله، فالتقوى في الدنيا حرز وجنة، وفي الآخرة هي طريق الجنة، مسلكها واضح وسالكها رابح.

  أيها المؤمن، مَثِّل الآخرةَ والموتَ نصبَ عينيك وكن من الله على وجل، وأد فرائض الله ø، واكفف عن محارمه، واعلم أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سُكنت، وأكلوا من خيراتها بأفضل ما أُكلت، نالوا فيها ما ناله المترفون، ثم انقلبوا بالزاد المبلغ والمتجر الرابح، أصابوا لذة الدنيا في دنياهم، وتيقنوا أنهم جيران الله غداً في آخرتهم.

  فاتقوا الله عباد الله، واحذروا الموت وقربه وأعدوا له عدته، فإنه يأتي بأمر عظيم وخطب جليل، بخير لا يكون معه شر أبداً، أو شر لا يكون معه خير أبداً.

  فاتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.