كل ذي نعمة محسود
كل ذي نعمة محسود
  
  الحمد لله وحده، وصلى الله على نبينا محمد وآله، اللهم وفقنا وبصرنا وثبتنا على الحق ومع أهل الحق.
  إخوة الإيمان، إن من يقف على التاريخ العربي يقف على ظلمات بعضها فوق بعض، ويقف على ظلم وظلامات وأنوار تُحْجَبُ وتُسْتَرُ، فهناك أشخاص لا شأن لهم ولا مبرة في الحياة ولا سابقة تَمُتُّ إلى خير أبداً، ترى أنها أقيمت لهم الصروح، وافتُعِلَت لهم المزايا وطبل لهم الزمان وزمر، وكيلت عليهم سيول من العظمة الزائفة، وهناك عباقرة بكل ما للعبقرية من المعاني الحقيقية، تقود المنصف إلى خزائن ومعارض من العظمة والإجلال لأشخاص عفي على آثارهم، وتراكم السحب من الدخان الأسود لإطفاء تلك الشموع وإخماد تلك الأنوار، بل تكاد تحولها من نور إلى ظلمة ومن إيمان إلى كفر.
  فأُمَيَّةُ مثلاً وحرب وصخر ومعاوية ويزيد، ومثل الحكم ومروان وعبدالملك وهشام، هؤلاء في كفة، وهاشم بن عبد مناف وعبدالمطلب والزبير والحارث والغيداق وشيخ الأبطح وعبدالله بن عبدالمطلب والعباس، ثم محمد ÷ وعلي والحسنان وزيد بن علي وأمثالهم في الكفة الأخرى.
  يريد الزمان الغادر أن يسوي بين هذين البيتين، وليته أراد ذلك، ولكنه طمح إلى تقديم الظلام على الضياء، وعلو الشر وخفض الخير، فهذا التاريخ الغاشم ينتحل لأمية وبنيه المفاخر، ويضيف إليهم المدائح في غير وزن لأعمالهم ولا قياس لمآتيهم، فماذا صنع هؤلاء من خير يجزون عليه المثوبة التي ما تزال حتى الآن تصنع رجالاً لما صارت الخلافة ملكاً عضوضاً؟ كما أخبر بذلك رسول الله ÷، وصار بأيدي بني أمية آل أبي سفيان وآل أبي العاص، تقربت إليهم أهل الأقلام المستأجرة، أرباب المصالح الشخصية بنشر الفضائل المزيفة لهم ولأسلافهم؛ ليكسبوا بذلك الجاه