الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[سبب قيام الإمام بالدعوة]

صفحة 31 - الجزء 1

  بمنزلة هارون من موسى إلا نبوته، وعلى سيدة النساء، وخامسة أهل الكساء، سليلة الرسول وبضعته، وعلى ولديهما الإمامين قاما أو قعدا، سيدي شباب أهل الجنة الشهداء، ولدَي المصطفى وعصبته، وعلى عترته الأطهار، المصطفين الأخيار، سفن النجاة، وقرناء الكتاب وتراجمته.

  ورضي اللّه تعالى عن الصحابة الراشدين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، القائمين بما أوجب اللّه عليهم من حق طاعته.

[سبب قيام الإمام بالدعوة]

  وبعد فلما رأينا قواعد الدين الحنيف قد أشرفت على الانهدام، ومعالم الشرع الشريف قد أشفت على الاندراس والانعدام، وتعطلت الشرائع والأحكام، واستُحل الحرام، وظهرت البدع والمنكرات، وعمَّت المظالم والبليات، وبدت نواجم الكفر والضلالات من جميع الجهات، واعتورت الإسلام وأهله المصائب والنوائب والآفات، وصار حاله كما قال النبي صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء»، فعند ذلك عوَّل علينا العلماء الأعلام، ومن يرجع إليهم الحل والإبرام، وألزمونا الحجة في القيام بأمر الإمامة العظمى، والتسنم لهذا المنصب الرفيع الأسمى.

  فلما لم نجد عمَّا راموه منا معدلاً، ولا ألفينا للاعتذار مدخلاً، جرَّدنا العزيمة غيرةً لدين اللّه تبارك وتعالى، وقمنا بهذا الواجب العظيم؛ تعظيماً له وإجلالاً، وكررنا الدعاء إلى كافة العباد، وبعثنا الكتب والرسائل إلى أقطار البلاد، وحرضنا على فريضة الجهاد، والسلوك إلى سبيل الرشاد، فأجابنا بحمد اللّه الجم الغفير، وأهرع إلى دعوتنا الصغير والكبير، ثم لا زلنا نبذل النفوس والنفيس؛ طلباً لإعزاز الدين، والذب عن شريعة سيد المرسلين، وإحياء سنة الجهاد، التي هي طريقة الأنبياء والأئمة الراشدين صلوات اللّه تعالى عليهم،

  وننتقل لطلب النصرة من بلاد إلى بلاد، ونركب متون الأغوار والأنجاد، ونكرر الوقائع بأهل الزيغ والإلحاد، وأهل البغي والفساد، حتى نعش اللّه تعالى