الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[ذم التقليد في هذه المسائل]

صفحة 57 - الجزء 1

  على أعظم زوال»⁣(⁣١).

  وقوله ÷ لمن سأله أن يعلمه من غرائب العلم فقال: «وما صَنعتَ في رأس العلم حتى تسألني عن غرائبه»، قال الرجل: يا رسول اللّه وما رأس العلم، قال: «معرفة اللّه حق معرفته»، قال: وما معرفة اللّه حق معرفته، قال: «أن تعرفه بلا مِثل ولا شبيه، وأن تعرفه إلهاً واحداً أولاً آخراً ظاهراً باطناً لا كفُؤ له ولا مثل» وغير ذلك.

[ذم التقليد في هذه المسائل]

  والمعنى أن تعرف ذلك بالنظر والاستدلال الموصل إلى العلم لأن التقليد في أصول الدين قبيحٌ مذمومٌ، ولا يُؤمَن أن يُقلَّد المخطئ أو الكافر فتقليد الكافر في كفره كفرٌ بلا شك.

  وقد ذم اللّه التقليد في كتابه وعلى لسان نبيه ÷:

  ١ - لأنه لا يفيد إلا الظن، وقد قال اللّه تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[النجم: ٢٨]، وقال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ٦٦}⁣[النجم]، وقال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦]، وقال تعالى حاكياً عن الكفار: {قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ٣٢} ... إلى غير من ذلك من الآيات.

  والتقليد مذموم على الإطلاق⁣(⁣٢)، وإنما أبيح للجاهل في المسائل الفرعية العملية لضرورة الجهل لمّا كان كل مجتهدٍ فيها مصيباً أو المخطئ معذوراً على اختلاف المذهبين.

  ٢ - ولأنه قد ضل كثير من الناس في مسائل الاعتقاد:

  *فمنهم من شبَّه اللّه تعالى بخلقه مع قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١].

  *ومنهم من قال برؤيته بعد قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣].


(١) رواه الإمام أبو طالب # بسنده إلى أمير المؤمنين #.

(٢) أي في المسائل الأصولية والمسائل الفرعية العلمية.