الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الفصل الأول: في توحيد الله تعالى]

صفحة 58 - الجزء 1

  * ومنهم من أضاف قبيح فعله إلى ربه بعد قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}⁣[الأعراف: ٢٨].

  * ومنهم من جوّز عليه تعالى تعذيب الأنبياء بعد قوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف]؛ إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة التي هي عند اللّه كاسدة.

  فحينئذٍ يجب على المكلف أن ينظر لنفسه وأن يحصن عقيدته؛ ليفوز بالسلامة والنجاة، ويكون من أولياء اللّه الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.

  وجملة ما نذكره هاهنا ثلاثة فصول:

  الأول: التوحيد.

  الثاني: العدل.

  الثالث: الوعد والوعيد.

[الفصل الأول: في توحيد اللّه تعالى]

  ومعنى التوحيد: ما قاله الوصي #: (التوحيد أن لا تَتَوهمه، والعدل ألا تتهمه)، وصدق # فإنه من توهم اللّه تعالى أو كيّفه أو مَثّلَه فلم يوحده.

  وفيه عشر مسائل:

  المسألة الأولى: أن تعلم أن لهذا العالم صانعاً صنعه، وخالقاً دبره وأحكمه.

  والدليل على ذلك: أنّا وجدنا عليه - أي العالمِ - أثر الصنعة الرصينة المحكمة، العظيمة المتقنة، والتأليف والتركيب، والاتساق والترتيب، ووضع كل شيءٍ في موضعه مع الإحكام والتدبير العجيب، ومِن لازم ذلك كله الحدوث، وكل محدَث لابد له من محدِث ضرورة لاستحالة وجود بناءٍ لا باني له، وأثر من دون مؤثِّر، فعلمنا بذلك أن اللّه تعالى هو الذي أحدث العالم وكوَّنه وأحكمه ودبره ومن العدم أخرجه.

  ودليل ثانٍ: وهو أنا علمنا أن في الجسم عَرَضاً غيره، وعلمنا أن ذلك العَرَض مُحدَث، وعلمنا أن ذلك الجسم لم يخْلُ عنه، وعلمنا أن ملازمته إياه تستلزم حدوثه، فعلمنا أن له محدِثاً وهو اللّه تعالى.