بحث في الصحابة
  ونرى أن فضل الصحابة ليس فضلاً ذاتياً، وإنما هو فضل مكتسب حصل لهم بالأعمال، وحينئذٍ فمن كانت أعماله مع النبي ÷ أكثر وأنفع للإسلام، وأدخل في صدق النية، والتفاني في نصرة النبي ÷ فإنه يكون أفضل ممن لم يكن كذلك.
  ومن يطالع كتب السير يجد حتماً أنه لا يوجد لأبي بكر وعمر وعثمان أعمال برزوا فيها على جميع المهاجرين والأنصار، ولا يوجد لصحبتهم مع الرسول ÷ أثر يعز به الإسلام أو يذل به الشرك.
  وكانت الآثار الحميدة في بدر وأحد والخندق وخيبر وحنين لغيرهم؛ فطالع كتب السير تجد صحة ما ذكرنا.
  والأحاديث التي يرويها أهل السنة في فضائلهم وادعوا صحتها، فليست صحيحة؛ لأنه لم يروها عن النبي ÷ إلا هم وحدهم، دون طوائف الإسلام الأخرى.
  وبعد، فما يرويه أهل السنة من إنفاق عثمان وأبي بكر في سبيل الله هو خلاف ما نطق به القرآن من فقر المهاجرين: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ...} الآية [الحشر: ٨]، ومن مواساة الأنصار للمهاجرين، وإيثارهم عليهم بالنفقة في قوله تعالى: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ..} الآية [الحشر: ٩].
  وفي كتب السير أن النبي ÷ كان يأكل في بيوت الأنصار، ويدعو المهاجرين للأكل معه في بيوت الأنصار، ولم يذكر أهل السير أن النبي ÷ كان يأكل في بيت أبي بكر أو عثمان ويدعو المهاجرين ليأكلوا معه فيها؛ أفليس ذلك دليلاً على فقر أبي بكر وعثمان وعمر؛ إذ لو كان لهم ثراء أو غنى لظهر أثره العام في فقراء المهاجرين.
  وحينئذ فما الداعي للنبي الحكيم - ~ وآله - إلى التنويه بفضل أبي بكر وعمر وعثمان من بين الصحابة؟ ففي بدر كان أبو بكر في العريش، لم يسل سيفه ذلك اليوم من غمده، وفي أحد هزم مع المنهزمين، وقد عفا الله عنهم حين فروا ذلك اليوم بنص القرآن، وفي خيبر هزم أبو بكر وعمر، وفي حنين أيضاً، وفي