بحث في الصحابة
  يوم الخندق ذهب علي بن أبي طالب بالفخر كله بقتله لعمرو بن عبد ود.
  نعم، وروى أهل السنة أن النبي ÷ أمر في مرض موته أبا بكر أن يصلي بالناس، وهذا ليس بصحيح فنحن معاشر الزيدية نروي في صحاحنا أن الذي أمر بالصلاة هو عائشة، لا النبي ÷، فإنها حين جاء بلال ليؤذن النبي ÷ بالصلاة قالت عائشة: يا بلال، مر أبا بكر فليصل بالناس، فجاء الوهم بسبب ذلك إما عن عمد، أو غير عمد.
  والدليل على أن النبي ÷ لم يأمر أبا بكر أن يصلي بالناس هو: أن النبي ÷ لما علم أن أبا بكر تقدم يصلي بالناس قام من فراش مرضه، وخرج يتهادى بين اثنين، فعزل أبا بكر عن الإمامة وصلى هو ÷ بالناس وهو جالس، وهذا أمر متفق على صحته عندنا وعند أهل السنة.
  وحينئذٍ فلو أن النبي ÷ قد كان أمر أبا بكر أن يصلي بالناس لما خرج وهو في مرض الموت ليعزل أبا بكر ويصلي هو بالناس؛ لأنه ÷ مشرع حكيم لا يأمر بالشيء ثم يعود فيبطله.
  وإذا فرضنا –على بُعدِه - أن النبي ÷ أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فإن النبي ÷ قد أبطل هذا الأمر، وحال دون تنفيذه حين عزل أبا بكر وصلى هو بالناس، وحينئذ فلا دليل على ما يزعمه أهل السنة من اختيار أبي بكر لإمامة الصلاة.
  - فإن قيل: لم يبين النبي ÷ عند تقدم أبي بكر للصلاة أنه لم يأمر بذلك وأنه لم يختره لإمامة الصلاة ليرتفع الالتباس وتنكشف حقيقة الحال؟
  قلنا: كان النبي ÷ على خلق عظيم، وكانت سنته الإغضاء والعفو وتماماً على خلق القرآن: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ..} الآية [آل عمران ١٥٩]، لذلك اكتفى ÷ بالبيان الفعلي الذي يدل على أنه لم يأمر أبا بكر بإمامة الصلاة، أو أنه قد أبطل الأمر له بالصلاة إذا فرضنا أنه قد كان أمر بها.