الفصول اللؤلؤية في أصول فقه العترة الزكية،

صارم الدين إبراهيم الوزير (المتوفى: 914 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 64 - الجزء 1

  وحكماء العصابة المحمدية، فليثق باحث كنوزها بنيل أمله، وليستعن كاشف رموزها بإخلاص نِيَّتِه وعمله.

  ومن تأمَّلها مُنْصِفاً، وجعل فكره الصحيح لِمَعَانِيها مِنْصَفاً علم أنها لبابٌ نُزِعَ قِشْرُه، وعُبابٌ لا يُدرك قعره، وتيقن أنها - على صغر حجمها - محيطة بِزُبَد المختصرات، ومحاسن البسيطة من الأمهات المعتمدة، والمصنَّفات الْمُنْتَقَدة.

  وَجَرَّدتها عن الأمارات والأدلَّة، اكتفاءاً بشموس مسائلها والأهلَّة، وتسهيلاً لحفظها، وتقليلاً للفظها، وإحالة إلى أصولها، وحثاً للإخوان على شرح فُصُولها.

  ولم أبالغ في اختصارها صَوناً لها عن الإلغاز، ولا في بسطها لمنافاته للإيجاز، مع اقتفاء منهج المختصرين من أهل التصنيف، في حسن التهذيب والتَّرصيف، وإبراز المعنى الخفي اللطيف، في إبْرِيز اللفظ الجلي الطَّريف، على أنه قد قال غير واحد من علمائنا الأفاضل: (المصنفون حقيقة هم الأوائل) فأما المتأخرون فمصنفاتهم إيجاد الموجود وتحصيل الحاصل؛ إذ الأوائل هم المفجِّرون لعيون الحِكَم الجارية في أنهارها، والملتقطون لمكنون الدُّر المُودَع في بحارها، وإن أخطأوا حيناً في معنىً أو عبارة، فكل منهم هو السابق في حَلَبة الفضل الْمَقْفُوِّ آثاره، ولا شك أن للمتقدم فضيلة السابق المبتدئ، كما أن للمتأخر - وإن قصر عنه - فضيلة اللاحق المقتدي، نسأل اللّه أن يجعل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم، ومِرقاةً مُوصِلةً إلى جنات النعيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.