فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  وقال # في ذكر الطّعم، وحاسة الذّوق: (وأجرى فيه عذوبة ريقه ليميّز بين مختلف ذوقه)، فبيّن أن الذّوق مدرك بحاسّة الفم.
  وقال # في صفة السمع: (وألبس [في](١) أرجاء السّمع أذنا لاستقرار جولان الوحي في مجاله، وإزاحة الشّك النّازل به وإبطاله، ثم عطف سبحانه أطراف غضروفهما على البواطن من خروقهما للحوق جولان الأصوات، ولولا ذلك لعجزت عن إدراك المقالات)(٢)، فبيّن أن الأصوات مدركة بحاسّة الأذن، وصرح بالقول فيه بخلاف قول المطرفيّة.
  وقال #: (فلما سمعت حاسة الأذن صوتا، علم السامع أن له مصوّتا)، فنصّ وصرّح بالقول بأنّ الصوت يسمع وأن المصوّت يعلم، بخلاف قولهم.
  وقال # في صفة القلب: (ثم علّق في صدره قلبا وركّب فيه لبّا ثم جعله وعاء للعقل الكامل، وحصنا للرّوح الجائل)، فدلّ على أن العقل غير القلب، ومثل هذا كثير في كتاب اللّه تعالى، وفي سنة رسول اللّه ÷، وفي قول الأئمة(٣) الهادين $، وهو إجماع أهل البيت $، وإجماع الموحّدين من المعتزلة، وغيرهم من المسلمين.
  وأما قول اللّه تعالى: {إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ}[آل عمران: ١٩٣]، وقوله: {قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ}[الأنبياء: ٦٠]، فالمراد به بأنّهم علموا
(١) زيادة في (أ).
(٢) في (ب): عن درك المقالات.
(٣) في (ه، ي): وفي أقوال الأئمة.