حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح

صفحة 123 - الجزء 1

  صوت ولا كلام. وقال المؤيد باللّه - قدس اللّه روحه - في شرح التجريد: الرّكز الصوت الخفيّ، وقال اللّه تعالى: {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها}⁣[الأنبياء: ١٠٢]، وقال تعالى: {لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً ٢٥ إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً}⁣[الواقعة: ٢٥ - ٢٦]، وقال تعالى: {إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ}⁣[الملك: ٧]، وهذا في القرآن كثير إذا كان يلزمهم.

  وللهادي إلى الحق # في المسترشد أقوال تبيّن أن الأعراض تحسّ، أعني: ما كان منها محسوسا مثل الأصوات والروائح والذّوق واللون. وتدل على أن العرض يحلّ في الجسم، وتدل على أن الصوت يسمع ويعلم المصوّت، بخلاف قول المطرفيّة، وتدل على أن العقل غير القلب، وأنه حالّ في القلب. فمن ذلك قوله # في صفة العينين: جعلهما اللّه - عن أن يحويه قول أو يناله - شحمتين اختصّ أوساطهما بالسواد ... إلى قوله: (فلو كان مكان سواد أطباقهما ناصعا ببياض نطاقهما لقصرتا عن بلوغ مناظرهما)، فصرح أن للسواد مكانا، والمكان محلّ، فصح أن اللون يحلّ في الجسم. ثم قال #: (ثم جعل فيهما - من بعد إتقان تدبيرهما - شعرا مسودا ظاهرا عليهما، ليزيد سواده في قوّة نظرهما). فبيّن أن السواد مرئيّ.

  وقال # في صفة الأنف: (وجعله هواء معتدلا سواء، ولولا ما دبّر فيه، وركّب⁣(⁣١) من الإحكام عليه لم يؤدّ بلطيف اعتباره، ودقيق اختياره⁣(⁣٢) المحسوس إلى قراره). فبيّن أن الرائحة مدركة بحاسّة الأنف.


(١) في (ت): وركّبه.

(٢) في (ي): ودقيق اختباره.