فصل في الكلام في أن الله تعالى قديم
  ولا الثالث ولا غيرهما، وهذا القول ظاهر الفساد، إذ لا يكون شيء لا شيء ولا لا شيء.
  وقالت الثنوية بقدم النّور والظّلمة، وغلّبوا الظّلمة على النّور.
  وأثبت كفار العرب الصانع، وأشركوا بعبادتهم الأصنام، وقالوا:
  ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى، وقد حكى اللّه ذلك فقال:
  {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان: ٢٥] [الزمر: ٣٨]. ومنهم من قال: الجنّ شركاء للّه(١)، وقالوا: الملائكة إناث، وجعلوا للّه بنين وبنات، فقال اللّه تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ ١٠٠ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٠١ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ١٠٢ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: ١٠٠ - ١٠٣]، وقال تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ١٤٩ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ ١٥٠ أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ١٥١ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ١٥٢ أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ ١٥٣ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ١٥٤ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ ١٥٥ أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ ١٥٦ فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ١٥٧ وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ١٥٨ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ١٥٩ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}[الصافات: ١٤٩ - ١٦٠]، فأخبر اللّه تعالى بقولهم. ثم قال: {أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ} أي حجة. وقوله: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}
(١) في (أ، ص): الجن شركا اللّه.