حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أن الله تعالى قديم

صفحة 168 - الجزء 1

  ولا تنفع، ولا تدفع، وقد بيّن اللّه تعالى ذلك فقال: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}⁣[الحج: ٧٣]، يريد أن الذّباب لو أخذ من الصنم شيئا لم يستنقذوه منه، ضعف الصنم والذّباب.

  وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ}⁣[الأحقاف: ٥]، وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ}⁣[العنكبوت: ٤١]، وقال تعالى: {قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}⁣[الزمر: ٣٨]، وقال تعالى حاكيا قول إبراهيم #: {أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ ٩٥ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ}⁣[الصافات: ٩٥ - ٩٦]، يريد: والحجارة التي تنحتون.

  ومن الكفار من ادّعى الرّبوبيّة كالنّمرود، وفرعون، وغيرهما من الملحدين. وقد ذكر اللّه احتجاج إبراهيم # حين قال إبراهيم:

  {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}، {قالَ} الذي كفر: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة: ٢٥٨] فثبتت حجج اللّه عليه، وغلبت أولياء اللّه، وأهلكت أعداء اللّه. وقد أوردنا من الحجج على جميع فرق الكفار ما في بعضه كفاية.