حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الإرادة

صفحة 203 - الجزء 1

  قبيح الخلق - أو الناقص - وشكر اللّه على حسن خلقه وتمامه زاده اللّه في الآخرة من الأجر والثواب⁣(⁣١)، فكان النّقصان نافعا للمنقوص وغيره.

  وكذلك جفا الخلق. ألا ترى أن العبد الزّنجي غليظ الخلق قويّ البنية وهو مع ذلك راض بخلقه غير مستوحش من نفسه. فإذا نظر إليه الكامل العاقل المالك لنفسه علم أن اللّه قد فضّله عليه وأتمّ خلقه وأحسن إليه، فإذا علم ذلك وشكر اللّه على ذلك استحق الأجر والزيادة بالشكر. وإذا صبر العبد وأطاع ربه جزاه أيضا، وأعطاه عوض ذلك في الآخرة.

  واعلم أن الدنيا دار بليّة وامتحان، واللّه يبتلي عباده بالخير والشّر لعلهم يرجعون.

  وأيضا فإن أكثر العبيد المماليك لو ملكوا نفوسهم، وسلموا من الرقّ واستخدام الأحرار لهم لخرجوا من الحدود ولظهر منهم البطر والأشر والضّرر ما لا يظهر من غيرهم، وهذه الأمور المؤذية موجودة فيهم إذا اجتمعوا في موضع مع الرّقّ، فكيف لو ملكوا أنفسهم.

  وأيضا فإن في خلق اللّه كثيرا من الأشياء يدقّ علينا النظر فيها، ويخفى علينا كثير من معانيه⁣(⁣٢)، بل إنا نقطع ونقول: إن اللّه حكيم، ولا يفعل الحكيم شيئا إلا وفيه حكمة أو حكم. وقد يوجد في أفعال العقلاء⁣(⁣٣) من المكلفين ما يدقّ ويخفى على أكثر الناس⁣(⁣٤)،


(١) في (ع): زاده اللّه في الآخرة والثواب.

(٢) في (أ): كثيرا من معانيه.

(٣) في (ض): في فعال العقلاء.

(٤) في (ص، ع): ويخفى على كثير من الناس.