فصل في الكلام في اختلاف أهل القبلة في العدل وذكر ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه
  وأيضا فلو كان أفعال العباد من اللّه(١) لما استحقّوا عليها الثواب والعقاب في الآخرة، ولا المدح والذّم في الدنيا.
  وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «القدريّة مجوس هذه الأمّة»، وروي عنه ÷ أنه قال: «القدريّة خصماء اللّه، وشهداء إبليس» ومعنى شهداء إبليس أن اللّه حكى عنه أنه قال:
  {فَبِما أَغْوَيْتَنِي}[الأعراف: ١٦]، فنسب الإغواء إلى اللّه، ولم يفعل كذلك آدم # بل قال: {رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا}[الأعراف: ٢٣].
  وروي عن النبيء ÷ أنه قال: «ينادي مناد يوم القيامة: أين القدريّة خصماء اللّه وشهداء إبليس، فتقوم طائفة من أمّتي يخرج من أفواههم دخان أسود».
  وروي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: اضمنوا لي ستّة(٢) أضمن لكم الجنّة: لا تظلموا عند قسم مواريثكم، ولا تغلّوا غنائمكم، ولا تجبنوا عن قتال عدوّكم، وامنعوا ظالمكم من مظلومكم، وأنصفوا الناس من أنفسكم، ولا تحملوا على اللّه ذنوبكم».
  وروي(٣) عن مكحول عن أبي هريرة أن رجلا من خثعم قام إلى النبيء ÷ فقال: متى يرحم اللّه عباده؟ قال: «ما لم يعملوا بالمعاصي ثم يزعمون أنها من اللّه تعالى، فإذا فعلوا ذلك انتزعت عنهم الرحمة انتزاعا. قال الخثعمي: يا رسول اللّه، أيضلّ الرّجل وهو يقرأ القرآن؟
  قال: إذا قال هذا القول طبع على قلبه».
(١) في (ث): أفعال العباد للّه.
(٢) في (ع): اضمنوا لي ستّا.
(٣) في (د): وقد روي.