حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في اختلاف أهل القبلة في العدل وذكر ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه

صفحة 213 - الجزء 1

  وروي عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول اللّه ÷ يقول: «ما هلكت أمّة حتى يكون الجبر قولهم».

  وعن أبي ذرّ | عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «يقول اللّه ø: يا عبادي إني حرمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا».

  واعلم أن القول بالعدل هو إجماع المهاجرين والأنصار، فمن ذلك: ما روي عن أمير المؤمنين # أنه لما انصرف من صفّين، قام إليه شيخ من أهل الحجاز، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء اللّه وقدره؟ فقال أمير المؤمنين #: والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ما هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بقضاء من اللّه وقدر. فقال الشيخ: في اللّه أحتسب عنائي ومسيري، واللّه ما أحسب لي من الأجر شيئا. فقال أمير المؤمنين #: لقد عظّم اللّه لكم الأجر في مسيركم وأنتم ذاهبون، وفي منقلبكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين، ولا إليها مضطرين.

  قال الشيخ: كيف يكون ذلك والقضاء والقدر ساقانا، وعنهما كان مسيرنا؟

  قال أمير المؤمنين #: لعلّك تظنّ قضاء لازما وقدرا حتما؛ لو كان ذلك كذلك لبطل الثّواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد، وما كانت تأتي من اللّه لائمة لمذنب ولا محمدة لمحسن، وما كان⁣(⁣١)


(١) في (ب، ص، ع): ولا كان.