فصل في الكلام في اختلاف أهل القبلة في العدل وذكر ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه
  وروي عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول اللّه ÷ يقول: «ما هلكت أمّة حتى يكون الجبر قولهم».
  وعن أبي ذرّ | عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «يقول اللّه ø: يا عبادي إني حرمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا».
  واعلم أن القول بالعدل هو إجماع المهاجرين والأنصار، فمن ذلك: ما روي عن أمير المؤمنين # أنه لما انصرف من صفّين، قام إليه شيخ من أهل الحجاز، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء اللّه وقدره؟ فقال أمير المؤمنين #: والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ما هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بقضاء من اللّه وقدر. فقال الشيخ: في اللّه أحتسب عنائي ومسيري، واللّه ما أحسب لي من الأجر شيئا. فقال أمير المؤمنين #: لقد عظّم اللّه لكم الأجر في مسيركم وأنتم ذاهبون، وفي منقلبكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين، ولا إليها مضطرين.
  قال الشيخ: كيف يكون ذلك والقضاء والقدر ساقانا، وعنهما كان مسيرنا؟
  قال أمير المؤمنين #: لعلّك تظنّ قضاء لازما وقدرا حتما؛ لو كان ذلك كذلك لبطل الثّواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد، وما كانت تأتي من اللّه لائمة لمذنب ولا محمدة لمحسن، وما كان(١)
(١) في (ب، ص، ع): ولا كان.