حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في اختلاف أهل القبلة في العدل وذكر ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه

صفحة 216 - الجزء 1

  فكتب إليه الحسن يقول: ما سمعت في ذلك إلا قول عليّ #، فإنه قال: (أترى الذي نهاك دهاك؟! إنما دهاك أسفلك وأعلاك، واللّه بريء من ذاك).

  وكتب إليه واصل بن عطاء: ما سمعت فيه إلا قول عليّ #، فإنه قال: (أيدلّك الطّريق ويلزم عليك المضيق⁣(⁣١) تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا).

  وكتب إليه عمرو بن عبيد: ما سمعت في ذلك إلا قول علي #، فإنه قال: (إذا كان القضاء حتما كانت عقوبة المأمور ظلما)⁣(⁣٢).

  فلما وصلت الكتب وكلّها مسندة إلى أمير المؤمنين # قال⁣(⁣٣):

  قاتلهم اللّه، لقد أخذوها من عين صافية.

  وروي أن أوّل من أظهر الجبر: معاوية - لعنه اللّه، فروي عنه أنه قام خطيبا بالشام فقال: يا أهل الشّام إنما أنا خازن من خزّان اللّه، أعطي من أعطى اللّه، وأمنع من منع اللّه. فقام إليه أبو ذر فقال:

  كذبت يا معاوية، إنك تعطي من منعه اللّه، وتمنع من أعطاه اللّه. فقام عبادة بن الصامت فقال: صدق أبو ذر. فقام أبو الدرداء فقال: صدق عبادة. قال: فنزل من المنبر وهو يقول: فنعم إذا، فنعم إذا.

  ومعاوية ممن لا يعتدّ بقوله⁣(⁣٤)؛ لأن العلماء من الأمّة والفضلاء مجمعون على فسقه، ومنهم من يعدّه كافرا مرتدّا، ورووا فيه أخبارا عن النبيء ÷.


(١) في (أ): أيدلك على الطريق، ويأخذ ويلزم عليك المضيق.

(٢) في (م، د): كانت العقوبة ظلما.

(٣) أي الحجاج.

(٤) في (ص، ع): ومعاوية لا يعتدّ بقوله.