فصل في الكلام في اختلاف أهل القبلة في العدل وذكر ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه
  فكتب إليه الحسن يقول: ما سمعت في ذلك إلا قول عليّ #، فإنه قال: (أترى الذي نهاك دهاك؟! إنما دهاك أسفلك وأعلاك، واللّه بريء من ذاك).
  وكتب إليه واصل بن عطاء: ما سمعت فيه إلا قول عليّ #، فإنه قال: (أيدلّك الطّريق ويلزم عليك المضيق(١) تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا).
  وكتب إليه عمرو بن عبيد: ما سمعت في ذلك إلا قول علي #، فإنه قال: (إذا كان القضاء حتما كانت عقوبة المأمور ظلما)(٢).
  فلما وصلت الكتب وكلّها مسندة إلى أمير المؤمنين # قال(٣):
  قاتلهم اللّه، لقد أخذوها من عين صافية.
  وروي أن أوّل من أظهر الجبر: معاوية - لعنه اللّه، فروي عنه أنه قام خطيبا بالشام فقال: يا أهل الشّام إنما أنا خازن من خزّان اللّه، أعطي من أعطى اللّه، وأمنع من منع اللّه. فقام إليه أبو ذر فقال:
  كذبت يا معاوية، إنك تعطي من منعه اللّه، وتمنع من أعطاه اللّه. فقام عبادة بن الصامت فقال: صدق أبو ذر. فقام أبو الدرداء فقال: صدق عبادة. قال: فنزل من المنبر وهو يقول: فنعم إذا، فنعم إذا.
  ومعاوية ممن لا يعتدّ بقوله(٤)؛ لأن العلماء من الأمّة والفضلاء مجمعون على فسقه، ومنهم من يعدّه كافرا مرتدّا، ورووا فيه أخبارا عن النبيء ÷.
(١) في (أ): أيدلك على الطريق، ويأخذ ويلزم عليك المضيق.
(٢) في (م، د): كانت العقوبة ظلما.
(٣) أي الحجاج.
(٤) في (ص، ع): ومعاوية لا يعتدّ بقوله.