حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الصراط

صفحة 365 - الجزء 1

  أبدل وبيّن، ولقال: اهدنا الصراط، ولم يقل: المستقيم، ولا قال⁣(⁣١):

  {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، فلما قال: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} علم السامع أن ثمّ صراطا غير مستقيم، ثم زاد بيانا، فقال: {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وهذا يسمّى بدل البيان، فبيّن بيانا ثانيا أن [ثم]⁣(⁣٢) لغير هؤلاء صراطا.

  ومما يوضح ما ذكرنا في البدل أنّك إذا قلت لرجل: (أدع الرجل زيد بن عمرو) أن هذا البدل يكون بيانا؛ لأنك لو قلت: (أدع الرجل)، لأشكل على المأمور من الرجل؟ لأن الرجال كثير، فلمّا قلت (زيد بن عمرو) بيّنت له ففهم قولك⁣(⁣٣) فصحّ ما قلنا.

  وقول اللّه تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} دليل على أن اللّه قد أنعم عليهم فاستثناهم من الذين هداهم الصراط المستقيم؛ ولأنه من شرط الاستثناء أنه⁣(⁣٤) لولا هو لدخل المستثنى في جملة من استثني منه⁣(⁣٥)، فلو لم ينعم على المغضوب عليهم والضالين لما استثناهم ولأجزأ قوله: {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ولم يقل: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فصح ما قلنا.

  وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}⁣[الشورى: ٥٢ - ٥٣]، وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ


(١) في (أ): ولقال.

(٢) زيادة في (أ).

(٣) في (أ): وبينات له فهم قولك.

(٤) في (س): وأنه.

(٥) في (س، ي): في جملة المستثنى منه.