فصل في الكلام في الصراط
  قال اللّه تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[المجادلة: ٢١] يريد: حكم اللّه. وقد يمكن أن يحمل الكتاب على معنى خامس وهو أن يمكن أن يكون كتب اللّه بمعنى: جعل اللّه، وذلك قول اللّه تعالى:
  {أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}[المجادلة: ٢٢]، يقول: إنه قد أرسخ في قلوبهم الإيمان حتى صار مثل الخلق، كما قال تعالى:
  {وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات: ٧].
فصل في الكلام في الصّراط
  واختلفوا في الصّراط؛ فعندنا وعند المعتزلة أن الصراط هو الطريق.
  والطريق طريقان: طريق الحقّ، وطريق الباطل. والصراط المستقيم هو طريق الحق.
  وقالت الحشوية: هو أحدّ من السيف، وأدقّ من الشّعرة، ولو كان كما قالوا لكان ذلك تكليف ما لا يطاق. وأيضا فإن التكليف قد سقط في الآخرة لقول رسول اللّه ÷: «الدنيا دار عمل ولا حساب، والآخرة دار حساب ولا عمل».
  والذي يدل على صحة ما قلنا قول اللّه تعالى: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: ٦ - ٧]، فلو كان صراطا واحدا للمطيع والعاصي لما