حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الصراط

صفحة 364 - الجزء 1

  قال اللّه تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}⁣[المجادلة: ٢١] يريد: حكم اللّه. وقد يمكن أن يحمل الكتاب على معنى خامس وهو أن يمكن أن يكون كتب اللّه بمعنى: جعل اللّه، وذلك قول اللّه تعالى:

  {أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}⁣[المجادلة: ٢٢]، يقول: إنه قد أرسخ في قلوبهم الإيمان حتى صار مثل الخلق، كما قال تعالى:

  {وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}⁣[الحجرات: ٧].

فصل في الكلام في الصّراط

  واختلفوا في الصّراط؛ فعندنا وعند المعتزلة أن الصراط هو الطريق.

  والطريق طريقان: طريق الحقّ، وطريق الباطل. والصراط المستقيم هو طريق الحق.

  وقالت الحشوية: هو أحدّ من السيف، وأدقّ من الشّعرة، ولو كان كما قالوا لكان ذلك تكليف ما لا يطاق. وأيضا فإن التكليف قد سقط في الآخرة لقول رسول اللّه ÷: «الدنيا دار عمل ولا حساب، والآخرة دار حساب ولا عمل».

  والذي يدل على صحة ما قلنا قول اللّه تعالى: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}⁣[الفاتحة: ٦ - ٧]، فلو كان صراطا واحدا للمطيع والعاصي لما