فصل في الكلام في أزواج أهل الجنة
  وكذلك الأرض. فلو كانت الجنّة قد خلقت لم تكن إلا في السماء أو في الأرض، وإذا كانت قد خلقت في السماء كيف تبدّل(١) السماء وتبقى الجنة التي فيها، وما فيها من الحور(٢) والولدان؟ فصح ما قلنا.
  فإن قيل: إن مذهبكم أن إرادة اللّه هي مراده، فهل قد أراد خلق الجنة أم لم يرده؟
  قلنا: إن الخبر غير المخبر عنه فقد أراد اللّه الإخبار بالجنة ولم يرد خلقها، ولو أراد خلقها لكانت قد خلقت، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[غافر: ٦٨] وقد قدمنا الكلام في الإرادة في موضعه بما فيه كفاية فلا تعلّق لمخالفنا(٣) بهذا.
  ومعنى قول اللّه: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} يريد بقدرته، ومثل ذلك موجود في لغة العرب، قال الشاعر وهو الشّماخ:
  إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقّاها عرابة باليمين
  يريد بالقوة.
(١) في (ص): فكيف تبدل.
(٢) في (ش): من الحور العين.
(٣) في (ب): لمخالفينا.