حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أزواج أهل الجنة

صفحة 375 - الجزء 1

  خلق وأجمل صورة، [كما]⁣(⁣١) قال اللّه تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ ٢٢ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ}⁣[الواقعة: ٢٢ - ٢٣]، وقال تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ ٤٨ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}⁣[الصافات: ٤٨ - ٤٩]، وقال في تزويجه لأوليائه بهنّ: {كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}⁣[الدخان: ٥٤].

  وقد اختلف في الجنة هل قد خلقت أم لم تخلق في الدنيا.

  فذهب قوم إلى أنها قد خلقت، واستدلوا بقول اللّه تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ١٣ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ١٤ عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى}⁣[النجم: ١٣ - ١٥].

  وعندنا أنها لم تخلق، وأن اللّه سيحدثها يوم القيامة، ويخلقها كيف شاء وحيث شاء.

  والدليل على ذلك من طريق العقل: أنه لا يعدّ الشيء ويدّخره إلى وقت طويل إلا من يعجز عن إبداعه وقت الحاجة إليه، واللّه تعالى لا يعجزه شيء ولا يفوته [شيء]⁣(⁣٢). ومن الكتاب: قول اللّه تعالى:

  {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ٢٦ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}⁣[الرحمن: ٢٦ - ٢٧] فدل على زوال الدنيا، وما عليها. وقال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ}⁣[إبراهيم: ٤٨]، وقال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}⁣[الأنبياء: ١٠٤]، وقال تعالى: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر: ٦٧]، وقال تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ}⁣[الانفطار: ١]، وقال تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ}⁣[الانشقاق: ١]، وقال تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ٨ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ}⁣[المعارج: ٨ - ٩] فصحّ أن السماوات تبدّل،


(١) زيادة في (س، ل، م).

(٢) زيادة في (ع، ل، ب).