فصل في الكلام في أزواج أهل الجنة
  خلق وأجمل صورة، [كما](١) قال اللّه تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ ٢٢ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ}[الواقعة: ٢٢ - ٢٣]، وقال تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ ٤٨ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}[الصافات: ٤٨ - ٤٩]، وقال في تزويجه لأوليائه بهنّ: {كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}[الدخان: ٥٤].
  وقد اختلف في الجنة هل قد خلقت أم لم تخلق في الدنيا.
  فذهب قوم إلى أنها قد خلقت، واستدلوا بقول اللّه تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ١٣ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ١٤ عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى}[النجم: ١٣ - ١٥].
  وعندنا أنها لم تخلق، وأن اللّه سيحدثها يوم القيامة، ويخلقها كيف شاء وحيث شاء.
  والدليل على ذلك من طريق العقل: أنه لا يعدّ الشيء ويدّخره إلى وقت طويل إلا من يعجز عن إبداعه وقت الحاجة إليه، واللّه تعالى لا يعجزه شيء ولا يفوته [شيء](٢). ومن الكتاب: قول اللّه تعالى:
  {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ٢٦ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ}[الرحمن: ٢٦ - ٢٧] فدل على زوال الدنيا، وما عليها. وقال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ}[إبراهيم: ٤٨]، وقال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}[الأنبياء: ١٠٤]، وقال تعالى: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر: ٦٧]، وقال تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ}[الانفطار: ١]، وقال تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ}[الانشقاق: ١]، وقال تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ٨ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ}[المعارج: ٨ - ٩] فصحّ أن السماوات تبدّل،
(١) زيادة في (س، ل، م).
(٢) زيادة في (ع، ل، ب).