حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في جزاء الأعمال وذكر الخواتم

صفحة 382 - الجزء 1

  مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا}⁣[الشورى: ٥٢]، وقال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}⁣[التغابن: ٨]، وقال تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}⁣[النور: ٣٥]، ونور اللّه هو القرآن.

  وقوله تعالى: {نُورٌ عَلى نُورٍ} معناه: نور مع نور، فالقرآن نور والرسول نور فصار القرآن نورا على نور. وقد سمى اللّه نبيئه سراجا منيرا فقال: {إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ٤٥ وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً}⁣[الأحزاب: ٤٥ - ٤٦].

  وقول اللّه تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} المراد به: اللّه منوّر السماوات والأرض.

  واعلم أن المثل في هذا الموضع أكبر من الممثّل به، وإنما مثّل اللّه للناس بما يعرفون، وقد تمثّل العرب الشيء بأصغر منه، قال الشاعر:

  كأن ثبيرا في عرانين وبله ... كبير أناس في بجاد مزمّل

  فمثّل الجبل بالإنسان القاعد، والجبل أكبر من الإنسان. وقد قيل: المشكاة الكوّة، وأحسب أنها المحراب،