حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في فضائل القرآن

صفحة 387 - الجزء 1

  إذا ردّد وأعيد مرارا سمج وملّ، وإذا أعيد القرآن وردّد ازداد حلاوة وعذوبة وحسنا ولذّة عند المؤمنين، وقد قال فيه بعض الحكماء:

  يزداد في طول التّلاوة جدّة ... ومتى يعد شيء سواه يخلق

  ومما يدلّ على كمال القرآن وأن فيه كل ما يحتاج إليه الإنسان من الهدى والحق والبرهان أن جميع الأمة تستمد منه وتحتجّ به، وأن من حسن نظره وتمييزه يجد فيه كل ما طلب؛ ويؤيد ذلك قول اللّه تعالى:

  {ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٣٨].

  ومما يدل على أن في القرآن كل ما يحتاجه الإنسان من الهدى [والحق]⁣(⁣١) والبرهان ما روي عن أبي هاشم الرمّاني قال: طلب زيد بن علي @ من أخيه أبي جعفر كتابا، فأغفل عنه أبو جعفر # ثم ذكره، فأخرج إليه⁣(⁣٢) الكتاب، فقال له زيد بن علي @: قد وجدت ما أردته منه في القرآن. فقال له أبو جعفر:

  فأسألك؟ قال زيد: نعم⁣(⁣٣) اسأل عمّا أحببت. قال أبو هاشم: فافتتح أبو جعفر الكتاب وجعل يسأله وزيد يجيبه بجواب علي # كما في الكتاب. فقال له أبو جعفر: بأبي أنت وأمي يا أخي أنت واللّه نسيج وحدك، بركة اللّه على أمّ ولدتك، لقد أنجبت حين أتت بك شبيه آبائك À.

  فصحّ أن في القرآن كل ما يحتاج إليه الإنسان من الهدى والبرهان.


(١) زيادة في (ش، ص).

(٢) في (ص): فأخرج عليه. وفي (ع): فأخرج له.

(٣) في (ب، ص، ع): فقال: نعم.