حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الناسخ والمنسوخ

صفحة 400 - الجزء 1

  فليخالطهم، وليأكل معهم، ولا يتعمّد الظلم لهم، و [لا]⁣(⁣١) النقص لهم في مالهم.

  وقد اختلف في هذه الآية، فمن الناس من حملها على ظاهرها، وأجاز للوصي الأكل من مال اليتيم إذا كان الوصيّ فقيرا، وأن ينفق منه على نفسه ومن تلزمه نفقته. ومن الناس من قال: يتناول منه مثل ما يتناول المضارب من المضارب له⁣(⁣٢) على سبيل الأجرة.

  وعندنا أن ذلك لا يجوز لقول اللّه تعالى: {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ومن المعروف أن يخرج الوصيّ لليتيم من ماله مثل ما يخرج لمثله من أولاده ثم يخلطه في نفقة أولاده؛ ويواسيه بأولاده⁣(⁣٣)، ولا ينقصه في ماله ولا في نفقته، فهذا هو المعروف، ويؤيد ذلك قول اللّه تعالى:

  {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}⁣[البقرة: ٢٢٠].

  ومما نسخ قول اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}⁣[المجادلة: ١٢]، وسبب نزول هذه الآية أن المسلمين أكثروا النّجوى حتى أضرّ ذلك برسول اللّه ÷، فأراد اللّه أن يخفف عنه، فأنزل هذه الآية، فامتنع كثير من الناس من المناجاة. وروي عن أمير المؤمنين # أنه قال: (إن في كتاب اللّه لآية وفرضا ما عمل بهما أحد غيري،


(١) زيادة في (ب، ه، ج، ع، ص، م).

(٢) في (ب، ص، ط، ع): من مال المضاربة.

(٣) في (ظ، ن): ويوانسه بأولاده.