حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الاختلاف في الكتاب

صفحة 409 - الجزء 1

فصل في الكلام في الاختلاف في الكتاب

  اعلم أن جميع الكفار قد اختلفوا [في الكتاب، ونفوا الكتاب]⁣(⁣١).

  فقالت كفار العرب: إنه شعر. لما سمعوا فيه من الفصاحة والبلاغة والمعاني الحسنة.

  وقال بعضهم: هو سحر⁣(⁣٢). لمّا عجزوا أن يأتوا بمثله.

  وقال أهل الكتابين: هو مأخوذ ومنتزع من كتبهم، وقالوا:

  النبيء ÷ معلّم علّمه بعضهم. وذلك لما وجدوا فيه من تصديق ما قبله من الكتب، ولما عرفوا فيه من الحق والقصص والأحكام والمعاني التي يجدونها في كتبهم، وقد ذكر اللّه قولهم فقال اللّه تعالى:

  {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٨ قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٩ قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}⁣[الأحقاف: ٨ - ١٠].

  والشاهد الذي آمن به من بني إسرائيل هو عبد اللّه بن سلام |، ولذلك قالت اليهود: إنه علّم رسول اللّه ÷ القرآن، فأنزل اللّه تعالى في ذلك آية، وحجّة باهرة، حيث يقول تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ


(١) زيادة في (ط، م).

(٢) في (ي، د، ه): إنه سحر.