فصل في الكلام في الاختلاف في الكتاب
  يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}[النحل: ١٠٣].
  وأيضا فإنهم يعلمون أن رسول اللّه ÷ أتى بقرآن(١) قبل أن يسلم عبد اللّه بن سلام، وأنه لو كان تعلّمه منه أو من غيره لتعلّم الكتابة، وأنه ما كان يكتب ولا ينبغي له، وأن صورة حروف(٢) القرآن بخلاف صورة حروف(٣) التوراة والإنجيل، قال اللّه تعالى: {وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ ٤٧ وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ}[العنكبوت: ٤٧ - ٤٨]، فما بقي لأهل الكتاب(٤) من حجة.
  وأما كفار العرب فإنهم قالوا: هو شعر، ومنهم من قال: هو سحر.
  وقد علموا أن رسول اللّه ÷ ما كان يقول الشعر، ولا ينبغي له، ولا كان ممن يتعلّق بكتب السحر، وأنه كان أمّيا لا يقرأ كتابا، ولا يخطّه، وقد احتج اللّه تعالى على جميع كفار العرب والعجم بحجّة واحدة لم يجدوا لها جوابا بقوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}[الإسراء: ٨٨]، وقال تعالى: {أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}[النساء: ٨٢]، وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ ١٩٢ نَزَلَ بِهِ
(١) في (ض): أتي القرآن.
(٢) في (ع، ص): صور حروف.
(٣) في (ع، ص): صور حروف.
(٤) في (ب، ص، ع): لأهل الكتابين.