حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الاختلاف في الكتاب

صفحة 417 - الجزء 1

  الناس، ولكان كلّ ظالم يدّعي أنه أذن له في الظلم، ولما تبيّن المطيع من العاصي.

  ومنها أنه إذا لم يكن أمر الناس إلى واحد افترقوا، وإذا افترقوا تباغضوا وتحاسدوا وفسدوا.

  ومنها: أن أعداء اللّه لا يستحقون أن يوحي اللّه إليهم لكفرهم ومعصيتهم. فلما كان ذلك لا يصلح، حكم العقل بأن اللّه لا يوحي إلا إلى من ارتضى من عباده، وأنه يرسل الرسول إلى أمّته ويقرن⁣(⁣١) طاعته بطاعته، فإذا علم اللّه من الرسول الصّدق والإخلاص، والقوّة على إبلاغ الرّسالة، والصّبر والعزم؛ أوحى اللّه إليه، وأرسله إلى خلقه.

  ولو أرسل من لا يعرف بالصدق والصبر والطهارة لأدّى إلى وجوه:

  منها أن يكون⁣(⁣٢) عند الناس من أهل التهمة والظّنة، لما يعرف منه من خلاف الصدق، ولم يكن أحد ليصدقه لما قد عرف منه.

  ومنها أن اللّه تعالى لم يكن ليرسل لصلاح الناس من لم يصلح نفسه.

  ومنها أنه لم يكن ليبلّغ ما أمر به إذا لم يكن صادقا نقيّا مخلصا⁣(⁣٣).

  فصح أن اللّه لا يرسل إلا الصادق الصابر المخلص البر التقي النقي طيّب الباطن والظاهر.


(١) في (ص): وتقرن.

(٢) في (ش): أنه يكون.

(٣) في (ي، م): تقيا مخلصا.