فصل في الكلام في نبيئنا محمد ÷
  وقال ÷: «إن عبد المطلب سنّ خمسا من السّنن أجراها ø في الإسلام: حرّم نساء الآباء على الأبناء، فأنزل اللّه تعالى:
  {وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ}[النساء: ٢٢]. وسنّ الدية في القتيل مائة من الإبل فجرت في الإسلام. وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط ثم يقف على باب الكعبة فيحمد اللّه ø(١) ويثني عليه، وكانت قريش تطوف [بالبيت](٢) ما شاءت قلّ أو كثر، فسنّ عبد المطلب سبعة سبعة. ووجد كنزا فأخرج خمسه فتصدّق به، فجرى ذلك في الإسلام.
  ولما حفر زمزم سمّاها سقاية الحاجّ، فأنزل اللّه تعالى قرآنا يقول:
  {أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...} الآية [التوبة: ١٩]». وروي عن سفيان بن عيينة قال: قيل لعبد المطلب: لم سميت ابن ابنك محمدا وليس هو من أسماء آبائك؟ قال: أردت أن يحمده أهل السماء وأهل الأرض، فأطرق(٣) سفيان ساعة ثم رفع رأسه فقال:
  فشقّ له من اسمه ليجلّه ... فذو العرش محمود وهذا محمد
  فهدى اللّه عبد المطلب إلى اسم النبيء ÷، وصدق رجاءه فيه وأنبته نباتا حسنا، وجعله من أشرف منصب في العرب، وأكرم بيت وأعلاهم شأنا، وأفصحهم لسانا، وأقواهم سلطانا، وأعزّهم مكانا، وأمضاهم حساما. وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «إن اللّه اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا،
(١) في (ج، ه، د): ثم يمجد اللّه.
(٢) زيادة في (ص).
(٣) في (ش، ي، ص، ع): ثم أطرق.