حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الأئمة من بعدهما

صفحة 473 - الجزء 1

  ثم قال بعد ذلك: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً}⁣[فاطر: ٣٩] فبيّن ما قلنا.

  وذهبت المطرفية: إلى أن الظالم هو الذي ظلم نفسه درجة السّبق، ولو كان مطيعا للّه متعلّما تقيا، وهذا التفسير خلاف الكتاب والسنة.

  ولو كان ذلك يسمّى ظالما، لكان يستحق النار؛ لأن اللّه تعالى قد أوعد الظالمين بالنار فقال تعالى: {فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}⁣[فاطر: ٣٧]، وقال تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ}⁣[الشورى: ٢٢]، وقال: {وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}⁣[البقرة: ٥٧].

  وعن الحسكاني بإسناده عن زيد بن علي @ في قول اللّه تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ...} الآية [فاطر: ٣٢] قال:

  (الظالم: المختلط منّا بالناس، والمقتصد: الفائز⁣(⁣١)، والسابق: الشّاهر سيفه يدعو إلى سبيل ربه). وعنه أيضا بإسناده عن علي # قال:

  سألت النبيء ÷ عن تفسير هذه الآية فقال: «هم ذريتك وولدك، إذا كان يوم القيامة خرجوا من قبورهم على ثلاثة أصناف: الظالم لنفسه يعني الميت بغير توبة⁣(⁣٢)، ومنهم مقتصد استوت حسناته وسيئاته من ذريتك، ومنهم سابق بالخيرات: من زادت حسناته على سيئاته من ذريتك»، فسقط قولهم وصحّ قولنا. فهذا ما جاء في الكتاب من ذكر أهل البيت $.


(١) في (ب، ص، ع): الفائز العابد. وفي (ش): والمقتصد: العابد.

(٢) في (ع، ط، ش): من غير توبة.