فصل في الكلام في الأئمة من بعدهما
  خلقهما(١) متقن، ولا يحس تخلّقهما محسن، وليّ ذلك منهما وفيهما، ومظهر دلالة صنعه عليهما اللّه رب العالمين، وخالق جميع المحدثين، وهما: ما لا يدفعه عن اللّه دافع، ولا ينتحل صنعه مع اللّه صانع؛ من القرابة إلى رسول اللّه ÷، وما جعل من احتمال كمال الحكمة في من الإمامة فيه. وحدّ الحكمة وحقيقة تأويلها: درك حقائق الأحكام كلّها، فاسمع لقول اللّه تعالى فيما ذكرنا من مكان قرابة المرسلين، وما جعل اللّه من وراثة النبوءة من أبناء النبيين، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ}[الحديد: ٢٦]. وقال الهادي إلى الحق # في كتاب الأحكام:
  (تثبت الإمامة للإمام، وتجب له على جميع الأنام بتثبيت اللّه لها فيه، وجعله إياها له. وذلك فإنما يكون من اللّه إليه إذا كانت الشروط المتقدمة التي ذكرنا فيه، فمن كان من أولئك كذلك، فقد حكم اللّه سبحانه له بذلك، رضي بذلك الخلق أم سخطوا) إلى آخر الباب. فإنه جعل لذلك بابا مفردا. وقد غلطت المطرفية في قولها، وخالفوا أهل البيت $ وشيعتهم، ووافقوا مخالفي أهل البيت.
  وقالت المعتزلة والمجبرة والخوارج: تثبت الإمامة للإمام بالشورى.
  واختلفوا في كمية من تثبت به. فقال قوم: تثبت بالإجماع. وقال قوم:
  تثبت بالخبر المتواتر. وقال قوم: تثبت بالخبر الذي يضطر إلى قبوله.
  وقال أبو الهذيل: تثبت بعشرين رجلا، واستدلّ بقول اللّه تعالى:
  {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ}[الأنفال: ٦٥].
(١) في (أ): لا يطيق خلفهما.