حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الأئمة من بعدهما

صفحة 478 - الجزء 1

  والإمامة عند جميع الشيعة الزيدية والإمامية حكم من اللّه تعالى وأمر؛ وهي نعمة وبليّة، ومن العبد الائتمار، وهو الشّكر على النعمة، والصبر على البليّة، وكذلك النّبوءة، قال اللّه تعالى: {وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة: ١٢٤]، فصحّ أن النبوءة والإمامة، أمر من اللّه تعالى، وقد قال اللّه تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ}⁣[الجاثية: ١٦]، وقال: {وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ}⁣[السجدة: ٢٤]، وقال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}⁣[النساء: ٥٤]، وقال تعالى - حاكيا عن موسى #: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ}⁣[المائدة: ٢٠]، فصحّ أن النبوءة والإمامة (أمر)⁣(⁣١) من اللّه تعالى نعمة وبليّة.

  وذهبت المطرفية إلى أن النبوءة والإمامة فعل النبيء والإمام. وقد قدّمنا الاحتجاج عليهم، وعلى من قال بقولهم في الإمامة بما فيه كفاية.

  وقد نص القاسم بن إبراهيم والهادي إلى الحق @ على أن الإمامة من فعل اللّه تعالى، فقال القاسم # في كتاب (تثبيت الإمامة) بعد (أن)⁣(⁣٢) ذكر الأنبياء $ قال: ثم أبان الإمامة من بعدهم، ودلّ الأمة فيهم على رشدهم، بدليلين مبيّنين، وعلمين مضيئين، لا يحتملان لبس تغليط، ولا زيغ شبهة تخليط، لا يطيق


(١) ساقط في (ب، ه).

(٢) ساقط في (ب، ت، ص، ع).