فصل في الكلام في إمامة زيد بن علي @ ومن قام بعده من الأئمة $
  من الجنون، وغلط من ادّعاء الرّبوبية، وذلك أنه قد أتى في كتاب اللّه أنّ الملائكة موكّلون بأمر اللّه، قال عزّ من قائل: {وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً ٣ فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً ٤ فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً}[النازعات: ٣ - ٥]، وقال: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}[السجدة: ١١]، وقال تعالى: {ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٨]، فإن كان ممن يموت فملك الموت موكّل عليه، والوكيل أفضل من الموكّل عليه، وإن كان لا يذوق الموت فهو ربّ - تعالى اللّه عما يقول الجاهلون علوا كبيرا، وأيضا فإن الملائكة À هم خزنة الجنّة وخزنة النار، والخازن يكون أفضل ممن يخزن عليه، فبطل قولهم: هو فوق الملكوتية.
  وأما قولهم: هو أفضل(١) من رسول اللّه ÷ ولم يعلموا ما استحق الإمامة(٢) إلا بفضل رسول اللّه ÷، وذلك علم رسول اللّه ÷، والقرابة من رسول اللّه ÷. ولو كان أفضل من رسول اللّه ÷ لجعل في مكان رسول اللّه ÷، ولأنزل عليه الكتاب والمعجزات، وهذا القول خروج عن الحدود المضروبة(٣)، واللّه تعالى يقول: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى}[النجم: ٣٢]، وقال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦]، وقال تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران: ١٨٨].
  وأما قولهم: (هو أفضل من رسول اللّه ÷؛ لأنه يملك الأرض
(١) في (س، ج، د): إنه أفضل.
(٢) في (أ): ولم يعلموا إنما استحق الإمامة. وفي (ل): ولم يعلموا أنه إنما استحق الإمامة.
(٣) في (ع): من الحدود المضروبة.