فصل في الكلام في إمامة زيد بن علي @ ومن قام بعده من الأئمة $
  كلها، ولم يملك رسول اللّه ÷ كل الأرض)، فليس ملك الأرض يوجب فضلا على رسول اللّه ÷، وقد ملك آل داود ما لا يملكه(١) أحد من بعدهم، ولا ملكه أحد من قبل، قال اللّه تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ ٣٤ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ٣٥ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ ٣٦ وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ٣٧ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ ٣٨ هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ}[ص: ٣٤ - ٣٩]، فصحّ أنه لا يعطى أحد بعده ملكا في الدنيا واقتدارا مثل ما أعطي سليمان #.
  ومع ذلك أن سليمان لم يدّع أنه أفضل الأنبياء لما أعطي(٢) من ملك الدنيا ما لم يعطوا مع ملك الآخرة(٣). وقد عرض على رسول اللّه ÷ ملك الدّنيا، فكره ذلك وقال: «الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ويجمعها من لا عقل له»، فلو كان الحسين بن القاسم قد ملك الدنيا بأسرها ثم افتخر بملكها وادّعى ما ادّعى لكان ذلك قبيحا منه، فكيف ولم يكن من ذلك شيء؟
  وأيضا فإن المؤمن لا يكون مؤمنا حقا حتى يكون مستعظما لسيئاته، مستصغرا لحسناته، قال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ٢٧ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ}[المعارج: ٢٧ - ٢٨]، وبأقل قليل مما تكلم به تسقط إمامته، اللهم إلا أن يكون الكلام مكذوبا عليه.
  وممن قام من أهل البيت $: أبو الفتح الناصر بن الحسين
(١) في (ع): ما لا يملك.
(٢) في (ش): بما أعطي.
(٣) في (ط): بما أعطي من ملك الدنيا والآخرة ما لم يعطوا.