حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في فرق الشيعة

صفحة 502 - الجزء 1

  أحب أن يظهر فعاله، ويشيع، ويذكر به، وإذا فعل فعالا قبيحا⁣(⁣١) كتمه، وودّ أن أحدا لا يعلم به. وأيضا فإن وجه الإنسان أفضل من جسده وأحسنه فإنه يظهر، ولما كانت عورته أقبح جسده فأمر بسترها⁣(⁣٢) وتغطيتها، وقد أمر اللّه تعالى بإظهار دينه وتبيينه للناس، وذمّ قوما كتموا ما أنزل اللّه، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}⁣[البقرة: ١٥٩ - ١٦٠].

  ومن الرد على الإمامية في قولهم بالنص، وأن الأخبار لا تقبل إلا من إمام منصوص عليه فإنهم قطعوا عنهم أسباب الخير بهذين القولين، وتكلّفوا بسببهما الكذب.

  ومما يبين كذبهم في القولين: أنهم يقولون بإمامة إمام في حياته، ويزعمون أنه المهدي، وأنه لا يموت حتى يظهر أمره ثم يموت، فيتبين كذبهم، فيزيدون كذبة أخرى أكبر من الأولى، أن يبرّءوا⁣(⁣٣) نفوسهم من الكذب، فيقولون: هو يحيا بعد الموت، ويملأ الأرض عدلا، فهم لا يسلمون من الكذب؛ إن كان حيا قالوا: هو المهدي وليس يموت، وإن مات ولم يعاينوا موته جحدوا موته، وقالوا: هو غائب لم يمت، فإن صح عندهم موته قالوا: هو يحيا ويبعث في الدنيا بعد ما مات.


(١) في (ب، ص): فعلا قبيحا.

(٢) في (ل): أمر بسترها.

(٣) في (ل، ه، ي): بأن يبرّءوا.