حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في فرق الشيعة

صفحة 505 - الجزء 1

  وجعل العلم والسيف فجعلهما لنا، وخصّ بني عمّنا بالعلم وحده، فقلت له: جعلت فداك إني رأيت الناس إلى ابن عمك وإلى أبيه أميل منهم إليك، فقال: إن ابن عمي وأباه دعوهم إلى الحياة ونحن دعوناهم إلى الموت، فقلت له: يا ابن رسول اللّه أهم أعلم أم أنتم؟

  قال: فأطرق إلى الأرض مليّا ثم رفع رأسه فقال: كلّنا له علم غير أنهم يعلمون كل ما نعلم، ولا نعلم كل ما يعلمون، ثم قال:

  اكتسبت من ابن عمي شيئا؟ قلت: نعم، قال: أرنيه، فأخرجت له دعاء أملاه عليّ أبو عبد اللّه، أخبرني أن أباه محمدا | أملاه عليه وكان يدعو به ويسميه الكامل، فنظر فيه حتى أتى إلى آخره، فقال: أتأذن لي في نسخه؟ فقلت: يا ابن رسول اللّه أتستأذنني فيما (هو)⁣(⁣١) منكم صار إليّ، فقال: لأخرجنّ إليك صحيفة كان أبي | يسميها الكاملة مما حفظها عن أبيه، ولقد أوصاني أبي ¥ بصونها ومنعها من غير أهلها، فقال المتوكل: فقمت إليه فقبلت رأسه وقلت: يا ابن رسول اللّه واللّه إني لأديننّ اللّه بحبّكم وطاعتكم، وأرجو أن يسعدني اللّه بولايتكم، فرمى بالصحيفة التي دفعتها إليه إلى غلام كان بقربه، وقال: اكتب هذا الدعاء بخطّ حسن بيّن، واعرضه عليّ فإني كنت أطلبه من جعفر فمنعنيه⁣(⁣٢)، قال المتوكّل: فندمت على ما فعلت، ولم أدر ما أصنع، ولم يكن أبو عبد اللّه أمرني أن أدفعه إلى أحد، ثم دعا بعيبة فاستخرج منها صحيفة مقفلة مختومة فنظر


(١) ساقط في (ع، ب).

(٢) في (س، ل، م): فيمنعنيه.